ولذا ترتب عليها أحكاما خاصة ، ومن تلك الروايات ما يقسّم الأئمة إلى نوعين : أئمة عدل ، وأئمة جور ، أو الأمراء إلى أمراء عدل وأمراء جور ، أو الروايات التي تتحدث عن صفات الحاكم وما ينبغي أن يتصف به من الصفات ، إلى غير ذلك من الروايات التي تفترض أنّ وجود أصل الإمامة أمر مفروغ عنه ، ولكن تحاول أن ترتب على ذلك أمورا أخرى ، وهذه الطائفة رواياتها عديدة ، وهي بالمئات وموجودة تحت عناوين متعددة في كتاب البيعة ، وفي كتاب الإمارة والقضاء من مجامع الحديث.
الطائفة الثانية : روايات البيعة التي تتحدث عن وجوب البيعة وضرورتها (١) مثل ما روي من قوله صلىاللهعليهوآله : «من مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية» (٢) وهذا يدل على ضرورة الإمام بالملازمة ، ولذا تجب بيعته ، ولكن يتم تأكيدها دون
__________________
(خليفة) ، وأحيانا عنوان (أمير) ، وأحيانا عنوان (سلطان) ، وهذه العناوين الأربعة تقريبا هي العناوين التي تمثل محور هذه الروايات والتي مؤداها ضرورة وجود الحاكم الإسلامي.
وفي هذا المجال يوجد بحث نظري وهو أنّ الإمامة هل تعني مجرد الحكم والولاية ، كما قد يفهم ذلك من بعض آراء علماء الجمهور ، عند ما يعرفونها بأنّها رئاسة في أمور الدنيا ، أو يعبرون عنها بالإمارة والقضاء ، أو أنّ الإمامة تعني معنى أوسع من ذلك ، كما يفهم ذلك من القرآن الكريم ، وبعض روايات الجمهور ، وروايات أهل البيت عليهمالسلام ، ويلتزم به علماء الخاصة ، وتكون الولاية والإمارة إحدى مهمات هذه الإمامة.
وقد يكون من المستحسن عرض هذا الجانب من البحث في مدخل بحث النظرية.
(١) يلاحظ هنا وجود الفرق بين روايات أهل البيت عليهمالسلام التي تتحدث عن ضرورة وجود الإمام ومعرفته «من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية» ، وبين هذه الروايات التي تغيّر العنوان فيها ولم تذكر عنوان الإمام ولا تذكر عنوان المعرفة ، وإنّما تذكر عنوان البيعة ، وإن كانت الرواية بالنص المذكور في روايات أهل البيت عليهمالسلام قد وردت ـ أيضا ـ في بعض طرق الجمهور.
(٢) التاج الجامع للأصول ٣ : ٤٦ ، عن صحيح مسلم ، وهي روايات كما يعرف ذلك من مراجعة كنز العمال ٦ : ٤٥ ـ ٦٦ ، أحكام الإمارة وآدابها.