بمقدمات عديدة ويحاول أن يجعله دليلا في مقابل هذه الأدلة ، فيذكر : بأن النبي صلىاللهعليهوآله الذي جاء بالرسالة الخاتمة لم يتمكن من إبلاغ هذه الرسالة إبلاغا كاملا للناس ، أو أنّه لم يكن قادرا بالأصل على ذلك ، إما بسبب الظروف التي أحاطت به وانشغاله بالمشكلات في مكة ـ كما يذكر ذلك في بعض المقدمات ـ أو الحروب في المدينة ، فلم يتمكن من ذلك ، أو بسبب أنّ إبلاغ الرسالة يحتاج إلى وقت أطول من عمر الرسول ، ولذلك تحتاج هذه الرسالة إلى إمامة تتحمل مسئولية الإبلاغ.
ويستدل على هذه الحقيقة بالضرورة التي شاهدها الفقهاء والمجتهدون في الوصول إلى الأحكام الشرعية ، فإنّه لو لا وجود الإمامة بعد النبي صلىاللهعليهوآله لأغلق علينا باب معرفة الشريعة ، فالشريعة التي جاء بها النبي صلىاللهعليهوآله وإن كانت كاملة في نفسها ، ولكن معرفتها إنّما كملت من خلال الإمامة ، ولذلك يكون هذا من الأدلة العقلية ، وهو يقول : إنّ هذا الدليل هو بين العقل والنقل.
وهذا الدليل وإن كان قاصرا عن إثبات كل أبعاد خصائص الإمامة الضرورية ، وهي أنّ الإمامة ضرورة لحلّ الاختلافات على المستوى الأول والمستوى الثاني ، وكذلك هي ضرورة لقيادة التجربة الإسلامية (١) ، ولكن مع قطع النظر عن هذا الإشكال فيه ، فإنّ الاستدلال به مرجعه إلى ضرورة الإمامة أيضا ، ولكن من هذا البعد أي ما سوف نعبر عنه في الأحاديث الآتية بالمرجعية الفكرية والشرعية ،
__________________
(١) وإن كان يوجد إشكال آخر على هذا الاستدلال بالخصوص ، أو توضيح له ، حاصله : أنّه قد ورد في القرآن الكريم وفي روايات صحيحة عن أهل البيت عليهمالسلام ما يشير إلى أنّ جميع أحكام الشريعة هي موجودة في القرآن الكريم ، ويمكن استنباطه من القرآن الكريم ، ولكن ليس أمرا متيسرا لكل شخص ، وإنّما هو متيسر لأئمة أهل البيت عليهمالسلام ، ولذا فإن رسول الله صلىاللهعليهوآله قد بين كل الأحكام الشرعية بناء على هذا الفهم للنص القرآني ، وكذلك بناء على ما ورد عنهم عليهمالسلام في تأكيد هذا النص القرآني ، من وجود التفاصيل الجزئية في القرآن.