ذكرناه في النظرية ، لإثبات ضرورة الإمامة لقيادة التجربة الإسلامية.
وضرورة هذه الإمامة على مستوى العصمة ـ أيضا ـ يعني أن تكون هذه الإمامة إمامة معصومة ، إذ لا يمكن الوصول في هذه التجربة إلى مراحلها الأخيرة في الكمال المطلق المطلوب إلا من خلال الإمامة المعصومة.
نعم الإمامة غير المعصومة يمكنها أن تمهد الوصول إلى تلك المرتبة العالية من الكمال المطلوب في حركة الإنسان ، والتي أشار إليها القرآن الكريم في آيات كثيرة ، وتحدثنا عنها هناك.
دليل العصمة
الوجه الثالث : ضرورة عصمة الإمام (١).
حيث يقال : إنّ الإمام لا بدّ أن يكون معصوما ، ولما كانت العصمة أمرا خفيا لا يمكن للناس أن يعرفوها ، فلا بد أن تكون الإمامة بقرار إلهي ، لأن الله هو القادر على معرفة الإنسان المعصوم.
هذا الوجه وإن كان فيه مواقع للنظر في صحة الاستدلال به ، أو مدى ارتباطه بأصوله وجذوره العقلية ، ولكن هذا الدليل ـ على كل حال ـ يؤيد النظرية التي ذكرناها وهي : ضرورة أن تكون الإمامة إمامة معصومة حتى تتمكن هذه الإمامة من تحقيق الأهداف الثلاثة التي افترضت ضرورة الإمامة ، وهي :
أولا : أن تقود حركة الإنسان نحو المثل الأعلى.
وثانيا : أن تفسر الدين تفسيرا صحيحا سليما لا لبس فيه ولا شبهة.
وثالثا : أن تقود المجتمع الإنساني قيادة توصله إلى الكمال المطلق في تطبيق
__________________
(١) يلاحظ أنّ بعض المتكلمين الذين ضاقت بهم السبل في الأدلة العقلية ، أو لم يقبلوا قاعدة اللطف وما بعدها من القواعد ، حاولوا أن يدخلوا هذا المدخل في الاستدلال العقلي.