الحكمة انتخاب الأصلح في حركة الإنسان وتكامله ، فلا بد من نصب الإمام (١).
وهذا الدليل يؤيد هذه النظرية ـ أيضا ـ لما ذكرناه في النظرية من أنّ ضرورة الإمامة تنبع من العوامل الثلاثة :
١ ـ حلّ الاختلاف على مستوى العبادة (٢).
٢ ـ وحلّ الاختلاف على مستوى فهم الدين وتفسيره وهو ما نعبر عنه بالتأويل.
٣ ـ حركة التكامل الإنساني في التطبيق للحق والعدل ، الذي يكون من خلال وجود الدولة والكيان الإسلامي السياسي الذي يطبق الحق والعدل ، لأنّ الأصلح في حركة الإنسان إنّما يتحقق بصورة كاملة من خلال عملية التطبيق.
فلا يكفي مجرد طرح المفاهيم النظرية وحدها التي تعبر عن الهدف الاسمي والمثل الأعلى ، أو عن طريق تفسير الدين تفسيرا صحيحا ، فإنّ ذلك لا يكفي ـ وحده ـ لتحقيق الصلاح في التكامل الإنساني ، وإنّما يحتاج ذلك إلى مرحلة متقدمة أكثر ، وهو التطبيق للحق والعدل ، وهي مرحلة الرسالة الخاتمة التي أشرنا إليها (مرحلة التطبيق الكامل للحق والعدل بين الناس) ، وهو العنصر الثالث الذي
__________________
(١) وهذا الدليل العقلي ـ أيضا ـ في الواقع فرع ـ ولكن مع تغيير في الشكل ـ من قاعدة اللطف ، إذا أردنا أن ندقق في نسبة هذه الأدلة إلى جذورها الكلامية والعقلية ، ولكن على أية حال يذكر كدليل مستقل ، ولعل الفرق بينهما أنّ الأول يسند إلى صفة اللطف ، وهذا يسند إلى صفة الحكمة.
هذا مع قطع النظر عن ما يمكن أن يثار حوله من مناقشة ، وهي أنّ هذا الدليل ليس دليلا عقليا ، وإنّما هو ـ أيضا ـ دليل شرعي ، ولكن على كل حال يذكرونه بعنوان الدليل العقلي ، أو بعنوان الملازمات العقلية وتفصيله في علم الكلام.
(٢) المقصود من هذا المصطلح هو ما ذكرناه من أنّ الاختلاف في تشخيص حركة الإنسان نحو المثل الأعلى الذي يمثل الهدف لتكامل حركة الإنسان.