قضية خلق الإنسان وبعثة الأنبياء وحركة الإنسان سوف تنتهي إلى هذه الغاية ، وهي غاية حلّ الاختلاف الذي يجسد الرحمة الإلهية بعد مرحلة طويلة من الاختلاف ، يمر بها هذا الإنسان في مختلف أدوار تاريخه.
وبذلك يكون تفسير الإمام الباقر عليهالسلام هو التفسير الصحيح ، لأنّه التفسير الموافق لما جاء في القرآن الكريم في المواضع الأخرى ذات العلاقة بموضوع الاختلاف ودور الرسالات الإلهية في حله (١).
إذن ، فالدليل العقلي الذي أشير إليه بقاعدة اللطف يؤيد هذه النظرية من خلال رؤية ضرورة الإمامة باعتبارها رحمة إلهية لحلّ الاختلاف بين الناس ، سواء الاختلاف في عبادة الله تعالى ، أو الاختلاف في فهم الدين وتفسيره.
دليل الحكمة
الوجه الثاني : أنّ وجود الإمام يمثل الأصلح في حركة تكامل الإنسان.
لما كان الله سبحانه وتعالى لا يعمل في عباده إلّا بمقتضى حكمته ، ومقتضى الحكمة : أن يكون القرار الإلهي أو (الإرادة) الإلهية ـ كما يعبر القرآن الكريم ـ متعلقة بما هو الأصلح في حركة الإنسان ، فإذا كان وجود الإمام هو الأصلح في النظام الاجتماعي والنظام الإنساني ، والله سبحانه وتعالى حكيم ، كما وصف نفسه بالحكمة ، والإرادة الإلهية لا بدّ أن تكون دائما متطابقة مع الحكمة ، ومقتضى
__________________
(١) نلاحظ أنّ هذا المنهج في التفسير ـ يعني أن نأخذ التفسير بالنسبة إلى آية من الآيات بصورة كاملة لا بصورة تجزيئية ، بمعنى أن نعرض هذا التفسير على مجموع ما ورد في القرآن الكريم من آيات ، ونصل بذلك إلى فهم الآية بصورة كاملة ـ هذا هو المنهج الذي انتهجه وطبقه إلى حد كبير العلامة الطباطبائي قدسسره ، وكذلك التزم به إلى حد كبير وأدخل عليه الكثير من التطوير الشهيد الصدر قدسسره ، والتزمنا به في منهجنا التفسيري.