أنّ اسم الإشارة هو إشارة للاختلاف والمستثنى منه ، فيكون المعنى (ولا يزالون مختلفين ولذلك خلقهم) وكأنّ الخلق من أجل أن يبقى هؤلاء الناس على الاختلاف.
وتفسير الإمام الباقر عليهالسلام هو التفسير الصحيح ، لأن هذا التفسير هو الموافق للقرآن الكريم ، بخلاف التفسير الآخر ، لأن المعنى الكلي العام المفهوم من القرآن الكريم من خلال مجموع الآيات التي وردت في موضوع الاختلاف وموضوع بعثة الأنبياء ، والهدف منها ، هو أنّ الله تعالى إنّما أرسل هؤلاء الأنبياء من أجل أن يحلّوا الاختلاف بين الناس (١) ، فإنّ الهدف من وجود المجتمع الإنساني وإرسال الأنبياء الوصول إلى هذه المرحلة التكاملية ، وهي مرحلة حلّ الاختلاف.
وهذا ـ أيضا ـ يؤكده ما ورد في جميع الرسالات الإلهية من الاعتقاد بضرورة الإنسان المصلح في آخر الزمان الذي يحلّ هذا الاختلاف ، سواء كان ذلك في العقيدة اليهودية التي بقيت تنتظر هذا المصلح ، أو في العقيدة المسيحية التي تعتقد بأنّ هذا المصلح هو المسيح ، وسوف يقوم بهذا الدور في آخر الزمان أيضا ، أو كانت عقيدة المسلمين من أنّ هذا المصلح هو المهدي المنتظر (عج) ، المولود فعلا ـ كما هو عقيدة الكثير من المسلمين ، ومنهم جماعة أهل البيت ـ أو الذي سوف يولد في المستقبل ـ كما يذهب إليه بعض المسلمين ـ حتى يحقق هذا الهدف العظيم.
المهم في هذا الحديث أنّ المفهوم من القرآن الكريم والعقيدة الإسلامية : أنّ
__________________
(١) (كانَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً فَبَعَثَ اللهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّناتُ بَغْياً بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللهُ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) ، البقرة : ٢١٣.