الدين وتفسيره) الذي نعبّر عنه ب (التأويل) في لغة القرآن ولسان أهل البيت عليهمالسلام ، حيث إنّ وجود الاختلاف في الدين على كلا المستويين ـ كما ذكرنا في شرح النظرية ـ ظاهرة من الظواهر التي واجهتها مسيرة الرسالات الإلهية كلها بدون استثناء ، على ما يبدو من القرآن الكريم.
الثالث : ضرورة الإمامة (لقيادة الحكم الإسلامي) وإدارته ، ومن ثم تطبيق الحق والعدل بين الناس بنحو يؤدي بهؤلاء الناس كجماعة إلى التكامل الإنساني والبشري ، من خلال تحقيق وتطبيق الحق والعدل بينهم ، ليصلوا إلى الكمالات الإلهية التي أرادها الله تعالى.
ونلاحظ هنا في هذه الآية الكريمة أنّها تشير إلى أنّ حلّ الاختلاف يمثل مصداقا من مصاديق الرحمة الإلهية ، حيث يقول القرآن الكريم : (... وَلا يَزالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ ...) ، فهذه الحالة المستثناة ـ وهي حالة الخروج من الاختلاف ـ تمثل مصداقا من مصاديق الرحمة الإلهية ، ومفردة من مفردات اللطف الإلهي ، فأي أمر يكون ضروريا لحل الاختلاف يكون رحمة لله تعالى ، ومن ثمّ يكون لطفا من الله تعالى ، فيكون مصداقا للقاعدة.
وبعد ذلك تؤكد الآية الكريمة هذا المعنى عند ما تجعل الرحمة الإلهية هي الهدف من خلق الإنسان (... وَلِذلِكَ خَلَقَهُمْ ...) ، بناء على ما ورد في تفسير هذه الآية الكريمة عن الإمام الباقر عليهالسلام (١) أنّ خلقهم كان للرحمة الإلهية ، وإنّ اسم الإشارة في (... وَلِذلِكَ ...) هو إشارة إلى الرحمة ، أي إلى المستثنى (... إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ ...) ، ولهذه الرحمة خلقهم ، وذلك على خلاف ما ذهب إليه بعض المفسرين من
__________________
(١) عن أبي الجارود عن أبي جعفر عليهالسلام قال في قوله : «(لا يَزالُونَ مُخْتَلِفِينَ) في الدين (إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ) يعني آل محمد وأتباعهم يقول الله (وَلِذلِكَ خَلَقَهُمْ) يعني أهل الرحمة لا يختلفون في الدين» ، تفسير القمي ١ : ٣٣٨.