القاعدة العامة على هذا المورد.
وهذه القاعدة ـ مع قطع النظر عن صحتها في نفسها ، أو صحة الاستدلال بها ، فإنّ لهذا البحث مجالا آخر ـ يمكن أن تنطبق على هذه النظرية التي أشرنا إليها انطباقا كاملا (١).
إذ من الواضح في القرآن الكريم الإشارة إلى أنّ النبوة والإمامة التي هي امتدادا لها ـ على ما أشرنا في هذه النظرية ـ تمثل رحمة للنّاس ، لقوله تعالى : (وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ) (٢) ، إذن ، فمجيء النبي ومن بعده الإمام الذي يقوم بدوره ـ كما أشرنا في هذه النظرية ـ يكون رحمة ، وإذا كان رحمة ، فيمكن أن تطبق هذه القاعدة العقلية أو الشرعية على هذا المصداق ، فيقال بأنّ وجود الإمامة يمثل رحمة ولطفا من قبل الله تعالى ، فلا بد أن يصدر منه تعالى هذا اللطف وينصب الإمام.
وكذلك ما ورد ـ أيضا ـ في قوله تعالى : (وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً واحِدَةً وَلا يَزالُونَ مُخْتَلِفِينَ* إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذلِكَ خَلَقَهُمْ ...) (٣) ، فإنّ هذه الآية الكريمة تشير ـ أيضا ـ إلى حقيقة أنّ الإمامة رحمة.
فقد ذكرنا في تفسير ضرورة الإمامة أنّ هذه الضرورة تنبع من عوامل ثلاثة :
الأول : هو أنّ الإمامة ضرورة لحل الاختلاف في (عبادة الله تعالى) ، وتشخيص طريق حركة الإنسان نحو المثل الأعلى الكامل المتمثل بالله تعالى.
الثاني : ضرورة الإمامة في حلّ الاختلاف الذي ينشأ بين الناس في (فهم
__________________
(١) لو كان الاستدلال بها صحيحا مطلقا ، باعتبارها قاعدة عقلية ، أو في خصوص الموارد التي ثبت فيها وجود المصلحة بالدليل الشرعي ، أو باعتبارها قاعدة شرعية مرجعها النقل ، ونصوص القرآن الكريم ، والسنة ، وبحث ذلك ـ كما قلنا ـ له مجال آخر.
(٢) الأنبياء : ١٠٧.
(٣) هود : ١١٨ ـ ١١٩.