الاستدلال بالعقل
الدليل الأول على ضرورة الإمامة ـ بصورة عامة ـ : العقل.
وتذكر عادة عدة وجوه :
الوجه الأول : «قاعدة اللطف» ، وهي : (أنّ نصب الإمام للناس لطف بالناس ، واللطف واجب عليه تعالى ، فيجب نصب الإمام عليه تعالى) (١) ، حيث يذكر المتكلمون والباحثون في علم الكلام بأن مرجع هذه القاعدة إلى أنّ الله تعالى لطيف بعباده ، وهذه صفة لله تعالى أشار إليها القرآن الكريم في عدد من الموارد ، منها قوله تعالى : (اللهُ لَطِيفٌ بِعِبادِهِ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ وَهُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ) (٢) ، وبناء على ذلك ففي كل مورد يكون في فعل الله تعالى مصلحة من المصالح العامة أو الخاصة للعباد ، يكون ذلك الفعل واجبا وموضوعا لهذا اللطف الإلهي ، ويفترض في الإمامة أنّ فيها هذه المصلحة ، فتطبق القاعدة على هذه المفردة ، حيث يقال بأنّ ثبوت الإمامة واستمرارها بعد النبوة يمثل مصلحة من مصالح الإنسان والمجتمع الإنساني وتكامله ، وبما أنّ الله تعالى لطيف بعباده ، يريد ما فيه مصالحهم بلطفه وكرمه ، فلا بد له أن ينصب الإمام للناس بعد النبوة.
وهنا يلاحظ أنّ بعض المتكلمين يرجع القاعدة إلى اللطف ، بمعنى الرحمة والكرم والجود ، ولكن بعضهم يرجعها إلى الحكمة ، أي أنّ الله تعالى حكيم ، ومقتضى الحكمة الإلهية هو اتخاذ القرار بموجب المصالح العامة التي تقتضيها هذه الحكمة الإلهية ، والإمامة تمثل مصلحة من هذه المصالح العامة ، فتطبق هذه
__________________
(١) صراط الحق ٣ : ١٩٠.
(٢) الشورى : ١٩.