إذ المفروض تعلق الأمر بالطبيعة مطلقا وليس في البين ما يمنع عن قصد التقرب به بعد فرض جهله بالحكم أو الموضوع قصورا فإن الفعل يصدر منه حينئذ إطاعة وامتثالا لا طغيانا وتجريا كيف وهو معذور عقلا ونقلا ويحكم العقل بقبح مؤاخذته استقلالا فالتفصيل بين الملتفت والجاهل تقصيرا وبين القاصر على القول بالجواز في كمال الوضوح وأما على القول بالامتناع في المسألة فإن قيل بترجيح جانب الأمر وتقديمه فلا إشكال في صحة العبادة مطلقا ولو مع الالتفات وأما إن قيل بتقديم جانب النهي فقد يقال بالصحة بالنسبة إلى القاصر وعليه ينزل فتاوى القدماء من أصحابنا رضوان الله تعالى عليهم الظاهرة أو الصريحة في التفصيل بين الملتفت ومن بحكمه وبين القاصر نظرا إلى كفاية مطلق المصلحة والمحبوبية في الإتيان بالفعل العبادي ولو لم يكن مأمورا به تارة وإلى كفاية الأمر بالطبيعة في الإتيان بفرد لا يشمله الطبيعة بما هي مأمور بها أخرى وفي كلتا الدعويين من الإشكال ما لا يخفى أما في الأولى فلأن مجرد اشتمال الفعل على مصلحة لا يوجب تعلق الإرادة المولوية به لجواز اشتماله على مفسدة مساوية أو أرجح منها بحيث لا يتعلق به إرادة ولا كراهة أو يتعلق به الكراهة فقط دون الإرادة وحينئذ فلا يبقى مجال للإتيان به متقربا إلى المولى ثم لو فرضنا عدم اشتماله على مفسدة فلا وجه لعدم تعلق الإرادة المولوية به بل ويكون الفعل حينئذ مأمورا به حقيقة ومطلوبا واقعا ولو لم يتمكن المولى من إبراز إرادته وطلبه إن شاء كما إذا كان أصم ولا يقدر على التكلم ومن المعلوم أن القول بترجيح جانب النهي هنا ليس إلا من جهة اشتمال الفعل على مفسدة أقوى ومعه لا يمكن التقرب به كما لا يخفى وأما في الثانية فلأن العقل إنما يحكم بكفاية إتيان كل ما يشمله الطبيعة المأمور بها بوجودها السعي من الأفراد في مقام الامتثال إذا لم تكن تلك الأفراد مشتملة على مفسدة أقوى توجب صرف نظر المولى عن المصلحة الموجودة فيها وأما مع وجود تلك