مفهوم ومن المعلوم ضرورة خلافه وأما عدم دلالته إطلاقا فلأجل أن الدلالة على المفهوم كذلك إنما يكون فيما إذا كان القيد راجعا إلى الحكم وكان الحكم مقيدا به فيقال لو لا انتفاء الحكم بانتفائه لما صح تقييده به فإن تقيد شيء بشيء يستدعي انعدامه بانعدامه وأما إذا لم يكن الحكم مقيدا وكان القيد راجعا إلى موضوع الحكم أو متعلقه فهو لا يقتضي أزيد من تضييق موضوع شخص الحكم مثل أن يعبر عن هذا الضيق بلفظ مفرد فكما أن المستفاد من قضية جئني بعالم ليس إلا تخصص موضوع الحكم بخصوصية العالمية من غير أن يكون في البين حكم سلبي يكون موضوعه غير العالم من الرجال فكذلك قضية جئني برجل عالم فإن ثبوت حكم لموضوع خاص مضيق لا يستلزم نفيه عن غيره فلاحظ العرف فهل يفهمون من جملة أكرم الرجل العالم أن سنخ وجوب الإكرام لم يجعل لغيره من الرجال المتصفين بصفات أخر مثل الزاهد والمتقي وغيرهما لا أظنك أن تتخيل ذلك كما لا يتخيل دلالة اللقب واللفظ المفرد عليه نعم غاية ما يستفاد من هذه الجملة اختصاص ما تتضمنه من الطلب والبعث الفعليين بالعالم وعدم شموله لغيره من الرجال وبزعمي ذلك واضح ثم إن هنا إشكالات قد ذكرها القائلون بالمفهوم ومنشأ جميعها الخلط بين شخص الحكم وسنخه المبحوث عنه في المقام فلا مجال لذكرها بعد وضوح ما فيها من الإشكال والكلام.
(فصل) في مفهوم الغاية وفيه بحثان
الأول : في دخول الغاية في المعنى وخروجها عنه والحق في ذلك خروجها فإن الظاهر من جعل شيء غاية هو أن أول وجودها نهاية للمعنى أو حد له فينتفي المحدود ببلوغه ولو كانت داخلة فيه لما كانت غاية ونهاية له بل تكون لا محالة من أجزائه ويكون الحد والغاية ما يقع بعدها وبالجملة فجعل شيء غاية لشيء مع دخوله فيه خلاف الظاهر وبزعمي أنه يتضح ذلك بالمراجعة إلى الاستعمالات