وقد عبر عن ذلك بتداخل المسببات وعدمه فهنا مقامان (أما المقام) الأول فالتحقيق فيه يقتضي القول بالتداخل. (١)
«فصل في مفهوم الوصف»
وقبل الخوض في البحث فيه يذكر (أمران)
الأول : أن النزاع إنما هو في الوصف المعتمد على الموصوف وأما الوصف الغير المعتمد فلا وجه لدلالته على المفهوم نظير اللقب فإن إثبات حكم الموضوع لا يدل على نفيه عن غيره سواء كان الموضوع جامدا أو مشتقا ولا فرق بينهما إلا في جعلية المبدإ في الأول دون الثاني ومن المعلوم أن مجرد الجامدية والاشتقاق لا يوجب الفرق فيما هو المهم هنا
الثاني : لا ريب في جريان النزاع فيما إذا كان الوصف أخص من موصوفه أو كان أعم منه من وجه وكان الافتراق من جانب الموصوف وأما إذا كان الافتراق من جانب الوصف أو من جانبيهما معا فلا وجه للنزاع فيه أصلا فإن النزاع في الدلالة على المفهوم وعدمهما إنما يصح فيما إذا كان موضوع الحكم باقيا مع انعدام وصفه وقيده فيقال إن الحكم حيث إن ثبوته لموضوعه مقيدا بالوصف هل يدل على انتفائه عند انتفاء قيده أو لا وأما إذا كان الموضوع متعديا كما في هذين الموردين فلا إشكال في انعدامه بداهة انعدام الحكم بانعدام موضوعه فمثل قوله عليهالسلام في الغنم السائمة زكاة لا يدل على عدم وجوبها في الإبل السائمة ولا عليه في الإبل المعلوفة بلا إشكال إلا إذا استفيد من الخارج عليه السوم لوجوب الزكاة مطلقا وأن الحكم يدور مداره ولكن ذلك ليس من دلالة مفهوم الوصف في شيء كما لا يخفى ومما ذكرنا انقدح جريان النزاع فيما كان الوصف أعم من الموصوف أو مساويا معه أيضا (إذا عرفت هذين الأمرين فالحق عدم دلالة) تقييد الموضوع بالوصف على المفهوم أصلا لا وضعا ولا من جهة قرينة عامة أما عدم دلالته عليه وضعا فواضح إذ لو دل عليه للزم المجازية فيما لم يكن له
__________________
(١) لا يخفى عليك أني لم أجد في جزواته تفصيل المقام الأول والثاني وسألحقه في آخر الكتاب إن شاء الله