فرق المحقق القمي (ره) بين هذه المسألة وبين المسألة المتقدمة بأن النسبة بين المأمور به وبين المنهي عنه هناك عموم من وجه وهنا عموم وخصوص مطلقا وإن كان يرد عليه ما ذكرنا في بعض المقدمات من تلك المسألة من جريان البحث فيما كان النسبة بينهما عموما وخصوصا مطلقا أيضا وأنه لا يعتبر في جريان النزاع وجود المندوحة في مقام الامتثال هذا مع أن الفارق بين المسألتين إنما هو اختلاف جهة البحث والجهة المبحوث عنها في إحداهما غير المبحوث عنها في الأخرى كما لا يخفى.
(الثاني) لا يخفى أن صيغة لا تفعل بنفسها لا تدل على الفساد بوجه وإنما تدل عليه عند القائل بها بملاحظة أنها نهى وتدل على الحرمة فالبحث يقع في الحقيقة في استلزام النهي بمادته التي هي بمعنى التحريم لفساد متعلقه وعدم استلزامه لا في دلالة نفس الصيغة عليه كيف ولا يلتزم بها أحد وفسادها أجل من أن يحد فإن نفس الصيغة تدل على الزجر عن متعلقها ودلالتها على الفساد لو قيل بها إنما هي بملاحظة هذه الدلالة أي كون متعلقها مزجورا عنه مستلزم لفساده وبالجملة فجعل البحث في المسألة في مقام الدلالة والإثبات لا في مقام الثبوت والملازمة مما لا أفهمه
(الثالث) أن النهي في عنوان البحث لا يمكن أن يعم النهي التنزيهي فإن متعلق النهي كما ذكرنا في الأمر الأول لا بد وأن يكون حصة من متعلق الأمر في العبادات بحيث لو لا خصوصية المبغوضية التي يرشد إليها النهي لكان يشملها المأمور به ويصح تطبيق الطبيعة في مقام الامتثال عليها والإتيان بها في ضمنها ومن المعلوم أن النهي التنزيهي عن فرد مثل النهي عن الصلاة في الحمام يرخص بمفهومه المشتمل على المنع عن الفعل مع الإذن فيه في ذلك التطبيق ويأذن في امتثال الأمر بالطبيعة بالإتيان بهذه الصحة فالنهي التنزيهي يلائم الصحة ويجتمع معها ولا يخالفها أصلا هذا في العبادات وأما في غيرها فالأمر أوضح بحيث