أو المعاملة هل هو لبيان حرمة متعلقه شرعا وجعله من المحرمات الذاتية أم هو إرشاد لفساده ومسوق لبيان عدم وقوعه صحيحا (ثانيهما) أنه بعد الفراغ عن دلالته على الحرمة الشرعية والقول بها فهل الحرمة في العبادات والمعاملات تستلزم الفساد والبطلان أم لا تستلزمه ولا بد لنا من البحث عن كلتا الجهتين وفي كلا المقامين ولا ينبغي الاقتصار على البحث في المقام الثاني كما يشاهد من القوم.
وقبل البحث فيهما وتحقيق الحق في كل منهما (يقدم أمورالأول) أن محل البحث إنما هو في ما إذا كان مناط الصحة وملاكها موجودا في متعلق النهي بحيث لو لم يكن ينه عنه لكان يحكم بصحته فالبحث في العبادات إنما هو فيما إذا نهى عن حصة خاصة من طبيعة الفعل المأمور به بحيث كان النهي عن تلك الحصة لخصوصية موجودة فيها ولولاها لكان يصح الإتيان بالطبيعة في ضمن تلك الحصة المنهي عنها وذلك كالنهي عن الصلاة في أيام الحيض الناشئ من خصوصية وقوعها في تلك الأيام وكالنهي عن الصلاة في غير المأكول وفي لباس الحرير وأما إذا كان المنهي عنه ليس فيه مناط للصحة ويكون مبغوضا بذاته ومحرما بنفسه فلا معنى للصحة والفساد فيه كي يأتي فيه بحث فإن الصحة في العبادات إنما تنتزع من موافقة الفعل مع المأمور به وانطباق المأمور به عليه وفي المعاملات تنتزع من انطباق المعاملة بجميع ما اعتبر فيها على العمل الخارجي وعلى أي تقدير فهي منتزعة في الأمور الشرعية من الانطباق وبما أن الفساد هو عدم الصحة بما كان لها من المعنى فهو يكون منتزعا في العمل من عدم انطباق المأمور به عليه وانتفاء شيء مما اعتبر في الصحة فيه ولذا يكون التقابل بينهما تقابل العدم والملكة فالبحث إنما يكون فيما إذا تعلق النهي بحصة خاصة من طبيعة الفعل لأجل خصوصية تكون فيها ولذلك