يحذرون حصول الحذر منهم تعبدا وتصديقا للنافرين لما ذكرنا من دلالة سياق الآية على أن ذلك هو الغرض والعلة الغائية لوجوب الإنذار فيكون واجبا ولو كانت كلمة لعل موضوعة لإفادة احتمال ترتبه على الإنذار وأما لو كان المراد منه تحقق الحذر منهم بحسب طبعهم بعد تأثير الإنذار لهم وكان الغرض من لفظة لعل جعل هذا المعنى واردا مورد الاحتمال كما هو الظاهر منه ومن نظائره في الآيات مثل قوله تعالى لعلهم يتذكرون أو لعلهم بآيات ربهم يؤمنون أو لعلهم يتقون وغير ذلك فلا مجال للاستدلال بالآية أصلا فإن الطبع إنما يقتضي العمل بقول المنذر بعد تبين صدقه من جهة التواتر أو وجود القرائن لا تعبدا ولو احتمل كذبه في دعواه «ومما يدل على إرادة هذا المعنى استشهاد الإمام عليهالسلام بالآية على وجوب معرفة الإمام على الناس في كثير من الروايات الواردة في تفسير الآية مع أن الإمامة مما لا يثبت إلا بالعلم «ومن جملة الآيات» قوله تعالى إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون وتقريب الاستدلال بها واضح بعد استلزام حرمة الكتمان لوجوب القبول ولا يخفى أن ظاهر الكتمان فيها بقرينة قوله من بعد ما بيناه للناس في الكتاب هو إخفاء الواضح وتستيره لا عدم الإظهار وعدم رفع الستر عن الأمر الخفي ومقابل الكتمان إبقاء الواضح على حاله لا إظهار الأمر الخفي ورفع الستر والنقاب عن وجهه وعليه فالآية أجنبية عن مقام الاستدلال بها بالمرة «ومن الآيات أيضا» آية السؤال وآية الإذن ولا يخفى على المتأمل ما في الاستدلال لكل منهما من الفساد فإن الأمر في الآية الأولى إرشادي مسوق بحسب الظاهر لبيان طريق التعلم وأنه يحصل بالرجوع إلى أهل الذكر وليست في مقام إيجاب التعبد بقولهم أصلا هذا مع أن الظاهر منها هو السؤال عمن لعلمه