للمفهوم فيها إنما هو لأجل أمر آخر غير تخصيص الحكم للمتخصص بها فإذا قيل أكرم العالم لكونه عالما أو لا تشرب مائعا كان خمرا لكونه مسكرا كان عموم التعليل لا محالة مانعا عن الأخذ بمقتضى التقييد بالوصف في ذلك بل هو في الحقيقة قرينة على اقتضائه شيئا وعلى ذلك فيكون الجملة التعليلية في الآية قرينة على عدم انعقاد ظهور الجملة المعللة فيها رأسا كما هو الحال في كل قرينة بالنسبة إلى ذيها ويكون المتعين الأخذ بمقتضى عموم التعليل فيها من غير أن يبقى مجال لملاحظة حال النسبة بينه وبين المفهوم كي يقال بأن مقتضى القاعدة حينئذ تخصيص عمومه به لكونه شاملا لخبر الفاسق أيضا بخلاف المفهوم هذا كله مع إباء عموم التعليل في الآية عن طرو التخصيص عليه كما هو واضح «ويمكن الجواب عن أصل الإشكال» فإن الظاهر أن الجهالة في الآية بمعنى عدم العلم كي يكون التعليل مشتركا بين خبر العادل وخبر الفاسق بل هي بمعنى السفاهة وفعل ما لا ينبغي صدوره من العاقل والاعتماد على ما ليس الاعتماد عليه من طريقة العقلاء وكما في نظائر هذه الآية من الآيات القرآنية مثل قوله تعالى (لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهالَةٍ) وقوله (إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجاهِلِينَ) ومعلوم أن هذا المعنى مختص بالاعتماد على خبر الفاسق ولا يكاد يشمل الاعتماد على خبر العادل الذي يكون الاعتماد عليه من طريقة العقلاء وديدنهم في أمورهم وقد ذكرنا أن عمل الصحابة بخبر الوليد إنما كان لأجل عدم معرفتهم بحالة واغترارهم بمقتضى ظاهر إسلامه لا مع علمه بفسقه وعدم وقوفهم بقوله كما زعمه الشيخ «قدسسره» كي يكون منافيا مع ما ذكرنا و(بالجملة) فليس الاعتماد على خبر العادل ومن يوثق بقوله من السفاهة وفعل ما لا ينبغي صدوره ولو أغمض عن حجيته وكونه طريقا محرزا شرعا (فانقدح) أنه لا وجه للإشكال على هذا الجواب بما ربما