كانا ملحوظين بالنظر الإجمالي إلا أنهما متغايران إذا لوحظا تفصيلا ومعلوم أن جعل الحقيقة موضوعا للحكم يقع باللحاظ الثاني كما أن الإنسان يقع موضوعا لحمل الجنس والفصل عليه هناك للحاظ مع أنه عين الفرد باللحاظ الإجمالي وبالجملة فاتحاد الحقيقة الخارجية مع الفرد الخاص باللحاظ الإجمالي لا يوجب سراية الحكم منها إليه بعد وضوح أنها موضوع للحكم باللحاظ التفصيلي الذي هي في ذاك اللحاظ تكون متغاير الفرد كما هو واضح فلا يكاد يكون المجمع طرف الإضافة للبعث والزجر أصلا وكيف يكون كذلك وقد بينا في بعض المقدمات أن الطبائع لا تكون متعلقة للخطاب بما هي موجودة بل المتعلق له هو الطبيعة المنتزعة عن صرف الوجود الجامع لجميع الموجودات لا بمعنى أخذ وصف الجامع فيه كي يقال بأن الحقيقة الجامعة بما هي كذلك لا موطن لها إلا في الذهن والحاصل أن المأمور به حقيقة هو صرف الوجود في الخارج والعنوان قد أخذ مشيرا إليه وكذا المنهي عنه هو حقيقة التصرف في مال الغير وقد انتزع عنها عنوان الغصب كما ينتزع عنوان الإنسان عن الحقيقة الخارجية المشتملة على الهيولى والصورة ولا ينتزع عن فرد خاص بخصوصية كما ينتزع عنوان الضارب عن حقيقة الإنسان المتصف بحقيقة الضرب لا عن مصداق خاص منها فلا يكاد يسري النهي عن متعلقه إلى متعلق الأمر بحال بل المتعلقان حقيقتان خاصتان خارجيتان ويصدق كل منهما على فرد خاص بحسن اختيار المكلف تارة ولصدق كلاهما على فرد واحد بسوء اختياره أخرى فاجتماعهما بحسب الوجود إنما هو في مقام الامتثال وذلك لا يوجب إشكالا في مقام الجعل أصلا فانقدح من جميع ما حققنا أنه لا إشكال في الأمر بحقيقة مطلقا والنهي عن حقيقة أخرى كذلك حتى في مورد تصادقهما على وجود خاص بل ولا يعقل تعلق الأمر بها مشروطا بعدم كون مورده مورد النهي وذلك لأن دخالة شيء لا يكون له دخالة في مطلوبية المأمورية في التكليف والمأمور به جزاف