«وإن كانت هي» في الأمر به كما في جملة أخرى من النسخ وبخاطري أن سيدنا الأستاذ دام ظله ذكر أنها هي التي رجع إليها الشيخ (قدسسره) ثانيا بعد ما أورد على ما يقتضيه النسخ الأولة من الإشكال ولا يخفى أن الفساد فيها أوضح أما «أولا» فلأن المصلحة حينئذ تصير مستوفاة من نفس الأمر ولا يبقى مجال بعده لانبعاث المكلف بالحكم الظاهري وأما «ثانيا» فلأن الأمر آلة إنشائية لحصول الفعل في قبال الآلات التكوينية الخارجية ويستحيل تعلقه من المولى الحكيم بما ليس في مصلحة توجبه وأما ثالثا فلأن هذه المصلحة لا تجدي إلا في خروج فعل المولى عن كونه عبثا ولا يكاد يتدارك بها المصلحة الفائتة من المكلف (ثالثها) لزوم اجتماع الحكمين المتضادين أو المتناقضين أو المتماثلين مثلا إذا كان حكم صلاة الجمعة في الواقع هو الوجوب فلو أدت الأمارة إلى الوجوب أيضا يلزم اجتماع الحكمين المتماثلين ولو أدت إلى عدم الوجوب يلزم اجتماع المتضادين ولو أدت إلى حرمته يلزم اجتماع المتناقضين واستحالة كل منها واضحة وهذا هو المحذور الخطابي الذي هو أهم الإشكالات في المقام ولا يخفى جريانه في الأصول أيضا وقد تفصى كل من الأعلام عن هذا الإشكال بوجه وعمدة ما ذكر من الأجوبة وجوه أحدها أن المجعول في باب الطرق والأمارات ليس حكما تكليفيا كي يكون له المضادة أو المماثلة مع الحكم الواقعي بل المجعول تأسيسا أو إمضاء هو نفس الطريقية «فإنها» على ما هو المحقق في محله من الأمور المتأصلة في الجعل ومما تناله يد الجعل بنفسه لا بتبع الحكم التكليفي كما اختاره الشيخ الأنصاري قدسسره الباري فإن الطرق المبحوث عنها في المقام كلها طرق عقلائية وحجج عرفية يعتمد عليها العقلاء في محاوراتهم وتفهيم مقاصدهم وليس بين العقلاء بما هم عقلاء حكم تعبدي كي يكون الطريقية منتزعة منه إذ لا تعبد ولا تشريع بينهم في أمر من الأمور بل لها