وهذا الكلام جاء صريحاً على لسان أبي بكر بعد وفاة رسول الله(صلى الله عليه وآله) مباشرة وجلوسه مكانه(صلى الله عليه وآله).
ففي تذكرة الحفّاظ : «إنّ الصدّيق جمع الناس بعد وفاة نبيّهم ، فقال : إنّكم تحدّثون عن رسول الله(صلى الله عليه وآله) أحاديث تختلفون فيها ، والناس بعدكم أشدّ اختلافاً ، فلا تحدّثوا عن رسول الله شيئاً ، فمن سألكم فقولوا : بيننا وبينكم كتاب الله ، فاستحلّوا حلاله وحرّموا حرامه»(١).
قال البيهقي : «وهذا الخبر من أعظم دلائل النبوّة وأوضح أعلامها»(٢).
إنّ قول الرسول(صلى الله عليه وآله) في حديث الثقلين ، ثمّ قول أبي بكر وعمر : «قولوا بيننا وبينكم كتاب الله» أو : «حسبنا كتاب الله» أو : «أغنانا ما معنا من القرآن» من بعده ، يرشدنا إلى وجود كتاب الله بين أيدي المسلمين وهو معروف عندهم ، فإذا كان كذلك ، فلا داعي لإعادة كتابته من جديد ، أو التثبّت في آياته بشاهدين حسبما يقولون !
أجل إنّ أئمّة المسلك الحاكم ـ قبل ادّعائهم جمع الخلفاء للقرآن ـ كانوا يريدون أن يكتفوا بالقرآن دون السنّة ، وأن يجعلوه الحاكم والميزان لمعرفة الأشياء ، وهذا هو الذي دعا الإمام عليّ بن أبي طالب عليهالسلام والسيّدة فاطمة الزهراء ـ تماشياً مع مدّعيات القوم ـ أن يستدلاّن بالقرآن وحده لإثبات حقوقهم.
__________________
(١) تذكرة الحفّاظ ١ : ٢ ـ ٣ ، حجّية السنّة : ٣٩٤.
(٢) أنظر دلائل النبوّة للبيهقي ١ / ٢٤ و٦ / ٥٤٩.