مصحف أمير المؤمنين عليهالسلام من تأويله وتفسير معانيه على حقيقة تنزيله(١) ، وذلك كان ثابتاً منزلاً وإن لم يكن من جملة كلام الله تعالى الذي هو القرآن المعجز ، وقد يسمّى تأويل القرآن قرآناً ، قال الله تعالى : (وَلاَ تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِن قَبْلِ أَن يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُل رَبِّ زِدْنِي عِلْماً) فسمّى تأويل القرآن قرآناً ، وهذا ما ليس فيه بين أهل التفسير اختلاف ، وعندي أنّ هذا القول أشبه من مقال من ادَّعى نقصان كلم من نفس القرآن على الحقيقة دون التأويل ، وإليه أميل ، واللهَ أسأل توفيقه للصواب»(٢).
وقال ابن شهرآشوب (ت ٥٨٨ هـ) في المناقب حكاية عن قول الآخرين : « ... ضَمَّنَ اللهُ محمَّداً أن يجمع القرآن بعد رسول الله(صلى الله عليه وآله) عليُّ ابن أبي طالب ؛ قال ابن عبّاس : فجمع اللهُ القرآنَ في قلب عليٍّ ، وجَمَعَهُ عليٌّ بعد موت رسول الله بستّة أشهر».
وفي أخبار ابن أبي رافع أنّ النبيّ(صلى الله عليه وآله) قال في مرضه الذي توفّي فيه لعليّ عليهالسلام : «يا عليّ ، هذا كتاب الله خذه إليك ، فجمعه عليّ في ثوب فمضى إلى منزله ، فلمّا قُبِضَ النبيّ(صلى الله عليه وآله) جلس عليّ عليهالسلام فألّفه كما أنزله الله ، وكان به عالماً». وحدّثني أبو العلاء العطّار [الحَسَنُ بْنُ أَحمد الهمدانيّ] والموفّق خطيب خوارزم في كتابيهما بالإسناد عن عليّ بن رباح : أنّ النبيّ أمر عليّاً
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(١) كان من منهج الصحابة أن يدوّنوا ما سمعوه من رسول الله في تفسير الآية وشأن النزول على هامش المصحف ، وعمر كان ينهى عن هذا العمل لأمور سياسية كان قد رجاها في خلافته ، وقد ذكرنا بعضها في كتابنا منع تدوين الحديث ، فقد يكون ما فعلوه في مصحف أمير المؤمنين كان بقرار من عمر ، فعن عامر الشعبي قال : «كتب رجل مصحفاً وكتب عند كلّ آية تفسيرها ، فدعا به عمر فقرضه بالمقراضين» كنز العمال ٢ / ٢٠٤ عن ابن أبي شيبة.
(٢) أوائل المقالات : ٨١ ، القول في تأليف القرآن وما ذكر من الزيادة فيه والنقصان.