تضرب والله عنقي قبل أن تصل إليه. فقلت : ولم؟ قال عليهالسلام : لأنّ الله يقول : (لاَ يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ) ، يعني لا يناله كلّه إلاّ المطهّرون. إيّانا عنى ، نحن الذين أذهب الله عنّا الرجس وطهّرنا تطهيرا. وقال : (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا) ، فنحن الذين اصطفانا الله من عباده ، ونحن صفوة الله ، ولنا ضربت الأمثال ، وعلينا نزل الوحي. قال : فغضب عمر وقال : إنَّ ابن أبي طالب يحسب أنّه ليس عند أحد علم غيره ، فمن كان يقرأ من القرآن شيئاً فليأتنا به ، فكان إذا جاء رجل بقرآن فقرأه ومعه آخر كتبه ، وإلاّ لم يكتبه. فمن قال ـ يا معاوية ـ إنّه ضاع من القرآن شيء فقد كذب ، هو عند أهله مجموع محفوظ(١).
* وروى الكليني (ت ٣٢٩ هـ) في الكافي عن الإمام عليّ عليهالسلام أنّه قال : «وقد كنت أدخل على رسول الله(صلى الله عليه وآله) كلّ يوم دَخْلة فيخلّيني فيها أدور معه حيث دار ، وقد علم أصحاب رسول الله(صلى الله عليه وآله) أنّه لم يصنع ذلك بأحد من الناس غيري ، فربّما كان في بيتي يأتيني رسول الله(صلى الله عليه وآله) أكثر ذلك في بيتي ، وكنت إذا دخلت عليه بعض منازله أخلاني وأقام عنّي نساءه. فلا يبقى عنده غيري ، وإذا أتاني للخلوة معي في منزلي لم تقم عنّي فاطمة ولا أحد من بَنِيَّ.
وكنت إذا سألته أجابني ، وإذا سَكَتُّ عنه وفَنِيَتْ مسائلي ابتدأني ، فما نزلت على رسول الله(صلى الله عليه وآله) آية من القرآن إلاّ أقرأنيها وأملاها عَلَيَّ فكتبتها بخطّي ، وعلّمني تأويلها وتفسيرها ، وناسخها ومنسوخها ، ومحكمها ومتشابهها ، وخاصِّها وعامّها ، ودعا الله أن يعطيني فهمها ، وحفظها ، فما
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(١) كتاب سليم بن قيس الهلالي : ٣٦٩ ، وقريب منه في الاحتجاج ٢ / ٧.