المصحف؟ قال : ما ينبغي للقرآن أن يهاج ، أي لا يغيّر.
فأيّ حرص أعظم من هذا الحرص على أن يظلّ رسم المصحف كما هو ، دون أن يمسّه أدنى تغيير ، ولو بقلب العين حاء ، أو الحاء عيناً ، فليس المهمّ في نظر عليّ عليهالسلام أن يتمّ التغيير على حسب قراءته ، ولكنَّ المهمّ ألاّ يسنّ للناس هذه السنّة الّتي تعدّ سابقة خطيرة ، تشجّعهم فيما بعد على إحداث ما يرون ضرورته من تعديلات ، قد تحكمها الأهواء وتوحي بها ، فيتعرّض النصّ المُنَزّل بذلك لأخطار التحريف والتزييف ، وليس عليّ بالذي تفوته هذه النقطة الخطيرة ، فإنّ من سنّ سنّة سيّئة تحمّل وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة. ولقد أثابه الله على هذه السنّة الحسنة ، حين منعهم من إحداث التعديل ، فصان كتاب الله إلى يوم القيامة.
وقد كان أمر الحديث عمّا نسب في التّاريخ إلى عليّ ـ من أنّ له مُصْحَفاً ـ أمراً هَيِّناً لا يكاد يبلغ بنا ما بلغه الحديث عن مُصْحَف ابن مسعود أو أُبيّ ، لولا أنّ اعتبارات سياسيّة وتاريخيّة قد ارتبطت بالحديث عنه ، وزاد الغُلاة من الوضّاعين المشكلة اشتعالاً بما ألصقوه بهذا المُصْحَف من روايات ، وما حاكوا حوله من أقاصيص ، افترق النّاس في أمرها ، وليس الافتراق في مثل هذه المواضع بالأمر الهيّن : إذ هو متّصل بمزالق عقديّة خطرة ـإلى أن قال شاهين ـ :
من أجل هذا ، نرى لزاماً علينا أن نتناول قضيّة مُصْحَف عليّ بشيء من التّفصيل من وجهة نظر بعض طوائف الشّيعة ، وذلك بعدما عرفنا موقفه من المصْحَف الإمام بأسانيد ثابتة ثبوتاً قطعيّاً ... ، إلى أن قال تحت عنوان (عودة إلى الحديث عن مصحف عليّ) :
فإذا علمنا أنّ عليّاً لم ترد عنه أيّة رواية من هذا الّذي تقدّم ، أدركنا أنّ