كما ملكوا لصنعتُ بمصحفهم كما صنعوا بمصحفي»(١).
وطبق هذا الأصل وهذه السياسة أراد النهج الحاكم أن يفرضوا رأيهم على أبي الدرداء فلم يخضع لهم أبو الدرداء.
فقد روى البخاري في صحيحه قال : «قدم أصحاب عبدالله (ابن مسعود) إلى الشام ، ومنهم علقمة فجاءهم أبو الدرداء ، وقال : أيّكم يقرأ على قراءة عبدالله؟ قالوا : كلّنا ، قال : فأيّكم يحفظ؟ فأشاروا إلى علقمة ، قال : كيف سمعته يقرأ (وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى)؟ قال علقمة : (والذكر والأُنثى) قال أبو الدرداء : أشهد أنّي سمعت رَسُوْلَ اللهِ يقرأ هكذا ، وهؤلاء يريدوني على أن أقرأ (وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالأُنثَى) والله لا أُتابعهم»(٢).
وأترك الكلام عن التهم الموجّهة إلى الإمام عليّ عليهالسلام وابن عبّاس ، لأنّ قراءة هذا البحث كاف للوقوف على ما نريد قوله بهذا الصدد.
وقفة مع صاحب (معجم القراءات القرآنية) :
ولنذكر الآن كلام الدكتورين أحمد مختار عمر وعبدالعال سالم مكرم في مقدّمة كتابهما (معجم القراءات القرآنية) عن مصحف الإمام عليّ عليهالسلام؛ إذ قالا :
«وممّا لا شكّ فيه أنّ هذا يدلّ على أنّ عليّاً كانت فكرة جمع المصحف مستقرّة في ذهنه قبل أن يجمع أبو بكر مصحفه.
ولمصحف عليّ قيمة تاريخية ، إلى جانب أنّ عليّاً كان من القرّاء ، فقراءته يمثّلها مصحفه.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(١) انظر محاضرات الأدباء ، للراغب ٤/٤١٩ ، باب جمع المصاحف.
(٢) صحيح البخاري ٦/٨٤ ، باب وما خلق الذكر والأنثى.