كان ابن مسعود لا يقرأ بتلك القراءة فهو ضالٌّ ، وهو مثل كلام الباري جلّ وعلا : (لَوْكَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلاَّ اللَّهُ لَفَسَدَتَا).
أمّا موضوع اختيار الإمام عليهالسلام قراءة أُبيّ فهو أيْضاً لا يعني وجود إشكال في قراءة ابن مسعود ، بل لاشتمال مصحف أُبيٍّ على أكثر ممّا اشتمله مصحف ابن مسعود من قراءات لجدِّه الإمام أمير المؤمنين عليّ عليهالسلام ، والذي قراءتُهُ قراءة رسول الله على نحو القطع واليقين.
وقد يكون الإمام عليهالسلام انتخب قراءة أُبيٍّ لتقليل الحدّة الموجودة بين أهل البيت عليهمالسلام وبين مَسْلكِ أتباع الخُلَفاء ، لأنّ السلطة كانت تريد الاحتماء بقراءة أُبيّ في الظاهر ، وفي المقابل كانوا على صِدام واضح مع ابن مسعود ومصحفه ، فقد يكون الإمام عليهالسلام أراد بقوله الإشارة إلى أنّه يقرأ بقراءة من يرتضونه من الصحابة.
فالإمام عليهالسلام حينما يقول : «أمّا نحن فنقرأ على قراءة أُبيّ» لا يعني بكلامه أنّ مصحف الإمام أمير المؤمنين عليّ عليهالسلام ليس موجوداً عنده عليهالسلام ، بل إِنّهم يقولون بذلك كي يصحّحوا للناس قراءتهم من خلال حجّية قراءة أُبيّ عندهم ، وهو ما رأيناه في قول بعض أصحاب القراءات بأنّ الإمامين الحسن والحسين عليهماالسلام قرءا على أبي عبدالرحمن السلمي ، فهذا الكلام لو صحّ فهو لإلزام الآخرين بقراءتهما ، لأنّ سبطي رسول الله(صلى الله عليه وآله) لا يحتاجان في تصحيح قراءتهما إلى أمثال أبي عبدالرحمن السلمي ، لكن لمّا كان السياق العامّ الأخذ عن هؤلاء القرّاء لا عن غيرهم ، كان من الحكمة إرشاد الناس عَمَلاً إلى صحّة الأخذ عن السلمي وغيره ، وهذا يشبه ما قاله الإمام الصادق عليهالسلامعن أبيه الباقر عليهالسلاممن أنّه كان يحدّثهم عن رسول الله(صلى الله عليه وآله) فكانوا يكذّبونه لعدم إدراكه لعصر النبيّ(صلى الله عليه وآله) ، فلمّا رأى الإمامُ الباقرُ عليهالسلام ذلك حدّثهم