أنّه طلب من الذين نسخوا عن مصحفه بأن لا يسلّموا ما استنسخوه إلى عثمان ، بقوله : «أيّهاالناس إنّي غالٌّ مصحفي ، ومن استطاع أن يغلّ مصحفاً فليغلل ، فإن الله يقول : (وَمَن يَغْلُلْ يَأْتِ بِما غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ)»(١) ، وفي رواية أخرى قال : «أيّهاالناس غلُّوا المصاحف فإنّه من غلَّ يأت بما غلَّ يوم القيامة ونعم الغلُّ المصحف يأتي به أحدكم يوم القيامة»(٢).
بهذا فقد عرفتَ حال من ادُّعِي كونهم من اللّجنة ، أو من الذين اعتمد عثمان على مصاحفهم ، فإنّ الواقع هو انحصار ذلك بزيد بن ثابت وقراءته ، رغم مخالفة قراءته لقراءة غيره من الصحابة.
وزيد قد تكلّمنا عنه بعض الشيء(٣) وعرفت موقفه في السقيفة ومدح أبي بكر له ، واستخلاف عمر له على المدينة ، وأنّه ما رجع إلاّ وأقطع لزيد حديقة من نخل(٤).
وفي الطبقات : «إنّ عمر كان يفرّق الناس في البلدان وينهاهم أن يفتوا برأيهم ويحبس زيداً عنده» ، إلى أن قال :
«وكان عمر يقول : أهل البلد ـ يعني المدينة ـ يحتاجون إلى زيد فيما يجدون عنده ، فيما يحدث لهم مما لا يجدون عند غيره»(٥).
وفي بعض المصادر : وما كان عمر وعثمان يقدّمان على زيد أحداً في
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(١) المصاحف لابن أبي داود ١/١٨٤/ح ٥٢.
(٢) المصاحف لابن أبي داود ١/١٨٥/ح ٥٣.
(٣) في العدد السابق من هذه المجله.
(٤) تهذيب تاريخ دمشق ١٥ / ٤٥ ، سير أعلام النبلاء ٢ / ٢٣٤ ، الإصابة ١ / ٥٦٢.
(٥) الطبقات ٢ / ١١٦ ، تهذيب تاريخ دمشق ٥ / ٤٥ ، كنز العمّال ١٦ / ٧ ، سير أعلام النبلاء ٢ / ٤٣٤.