وفي تفسير مصابيح الأسرار لمحمّد بن عبدالكريم الشهرستاني (ت ٥٤٨ هـ) : « ... وقد خالفه أُبيُّ بن كعب ومنعه من مصحفه ، وكان يقول : سعيد بن العاص أعرب الناس ، ولم يقرأ قطّ على رسول الله سورة إلاّ قرأ عليه النبيّ سورة»(١).
أجل إنّهم تعاملوا معه ومع مصحفه بعنف ، فقد أُخذ مصحفه من ابنه محمّد بعد وفاته ـ في عهد عثمان ـ وقد أخبر محمّد بن أُبي وفد العراق لمّا قدموا عليه فقالوا : «إنّا تحمّلنا(٢) إليك من العراق ، فأَخْرِجْ لنا مصحف أُبيّ ، فقال محمّد : قد قبضه عثمان ، قالوا : سبحان الله أخْرِجْه ، قال : قد قبضه عثمان»(٣).
ومعناه أنّ أهل العراق كانوا يبحثون عن نسخة أُبيّ بحيث يرسلون وفداً إلى ابنه للوقوف عليها ، لكنّ ابنه قال لهم : إنّ الأمر قد خرج من يدي ؛ إذ أبيد المصحف ضمن ما أبيد وأحرق من المصاحف.
ولا يستبعد أن يكون عثمان وأنصاره قد استغلّوا اسم أُبيّ لإعطاء الشرعية لمصحفهم.
هذا عن نسخة أبي موسى الأشعري وأُبيّ بن كعب. وإليك الآن الكلام عن نسخة حفصة.
نسخة حفصة بنت عمر :
وأمّا نسخة حفصة(٤) فهم أيْضاً اتّخذوها غطاءاً لعملهم ، ولم يكونوا
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(١) تفسير مصابيح الأسرار ١/٣.
(٢) تحمّلنا إليك أي رحلنا.
(٣) كنز العمّال ٢/٢٤٨/ح ٤٧٨١ ، عن أبي عبيد في الفضائل وابن أبي داود.
(٤) وهي نسخة أبي بكر التي كانت عند عمر.