دمشق ، ومعهم المصحف الذي جاء به أهل دمشق(١) ليعرضوه على أُبيّ بن كعب وزيد بن ثابت وعليّ وأهل المدينة ، فقُرِئ يوماً على عمر بن الخطّاب ، فلمّا قرؤوا هذه الآية : (إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ) ، وَلَوْ حَمَيْتُم كَمَا حَمَوا لَفَسَدَ المَسجِدُ الحَرَام ، فقال عمر : مَن أقرأكم؟ قالوا : أُبيّ بن كعب ، فقال لرجل من أهل المدينة : ادع لي أُبَيّ بن كعب ، وقال للرجل الدمشقي : انطلق معه.
فذهبا فوجدا أُبَيّ بن كعب عند منزله يهيِّء(٢) بعيراً له هو بيده ، فسلَّما عليه ، ثم قال له المدني : أجب ـ أمير المؤمنين ـ عمر ، فقال أُبَيّ : ولِمَا دعاني أمير المؤمنين؟
فأخبره المدني بالذي كان ، فقال أُبَيٌّ للدمشقي : ما كنتم تنتهون معشر الركيب ، أو يشدفني(٣) منكم شرّ.
ثمّ جاء إلى عمر وهو مشمِّر والقطران على يديه ، فلمّا أتى عمر ، قال لهم عمر : اقرؤوا ، فقرؤوا (ولو حميتم كما حموا لفسد المسجد الحرام) ، فقال أُبَيّ : أنا أقرأتهم ، فقال عمر لزيد : اقرأ فقرأ زيد قراءة العامّة ، فقال : اللَّهُمَّ لا أعرف إلاَّ هذا ، فقال أُبَيّ : والله ـ يا عمر ـ إنّك لتعلم أنّي كنت أحضر ويغيبون وأُدعى ويُحجبون ويصنع بي ، والله لئن أحببت لألزمنَّ بيتي فلا أحدِّث أحداً بشيء»(٤).
إنَّ أُبيّ بن كعب وعبدالله بن مسعود كانت لهما قراءة ثابتة تخالف
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(١) قبل خلافة عثمان وفي عهد عمر بن الخطّاب على الأرجح.
(٢) هكذا في المطبوع لكن قد يكون يَهْنَأ أو يَهْنِئُ بمعنى يطليه بالقطران ، أنظر تاريخ دمشق ٦٨ / ١٠٢.
(٣) معناه يرتفع إليّ منكم شرّ ، أي يصيبني منكم شرّ.
(٤) المصاحف ٢ / ٥٦٠ / ح ٥١٦.