أصحاب رسول الله نأتيكم من البعد نرجو عندكم الخير أن تعلّمونا فإذا أتيناكم استخففتم أمرنا كأنّا نهون عليكم؟
فقال : والله لئن عشت إلى هذه الجمعة لأقولن فيها قولاً ، لا اُبالي استحييتموني عليه أو قتلتموني ، غير أنّ هذه الجمعة لم تأت إلاّ وكان قد فارق الحياة»(١).
وعن جندب ، قال : «أتيت منزله ... فسلّمت عليه ، فردّ عَلَيَّ السلام ثمّ قال : ممّن أنت؟ قلت : من أهل العراق.
قال : أكثرت منّي سؤالاً.
قال : لمّا قال ذلك غضبت ، قال : فجثوت على ركبتي ، ورفعت يدي ـ هكذا وصف ـ حيال وجهه فاستقبلت القبلة ، قال : قلت : اللهمّ نشكوهم إليك ، إنّا ننفق نفقاتنا وننصب أبداننا ، ونرحل مطايانا ابتغاء العلم ، فإذا لقيناهم تجهَّموا لنا.
قال : فبكى أُبيّ ، فجعل يترضّاني ويقول : ويحك : لم أذهب هناك ، لم أذهب هناك! قال : ثمّ قال : اللهمّ أعاهدك لئن أبقيتني إلى يوم الجمعة لأتكلّمنّ بما سمعت من رسول الله لا أخاف فيه لومة لائم ، لكنَّ القدر كان أسبق منه ، فلقد عاجله الموت قبل أن يأتي ذلك الموعد الذي عزم أن يتحدّث فيه بما علمه»(٢).
كان هذا كلامه عن أمر الخلافة ، وأمّا أمر القرآن ، ففي المصاحف عن أبي إدريس الخولاني : «إنَّ أبا الدرداء ركب إلى المدينة في نفر من أهل
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(١) الطبقات الكبرى ٣ / ٦١.
(٢) الطبقات الكبرى ٣ : ٦١ و ٦٢.