أمر واحد وهو أنّ عليّاً قد جمع القرآن مدوّناً كما تقول به الشيعة.
كما يلاحظ فيها سكوت أبي بكر عن عملية جمع الإمام أمير المؤمنين عليّ عليهالسلام للمصحف ـ مع تأويله وتفسيره ـ أيّام خلافته ، وقوله للإمام عليهالسلام : «نعم ما رأيت» ، وفي آخر : «أحسنت» ، وهما يشيران إلى وجود هذا المصحف وكتابته قَبْلَ عهد أبي بكر؛ لأنّ جمع القرآن لا يأتي بين عشية وضحاها ، بل في النصوص الاُخرى إشارة إلى أنّه عليهالسلام كتبه منذ عصر الرسول(صلى الله عليه وآله).
كما أنّ نصوص تدوين الإمام عليهالسلام للمصحف عند الفريقين تخطّىء ما حُكي عن ابن أبي قحافة من أنّه كلّف زيداً بجمع القرآن؛ لأنّه لو كان قد كلّفه لما قبل عذر الإمام عليهالسلام وتعليله ، ولقال له : لا أقبل تعليلك؛ لأنّي كلّفت زيد بن ثابت بهذه المهمّة.
نعم قد يقال بأنّه كلّف زيداً بعد الأشهر الستّة الّتي جلس فيها الإمام عليهالسلامفي بيته ، أي أنّه كلّفه بهذا الأمر بعد أن ردّ مصحف الإمام عليّ عليهالسلام ، لاشتماله على فضائح القوم من لسان رسول الله(صلى الله عليه وآله) في تفسير الآيات ؛ لأنّ في خبر الاحتجاج : «فلمّا فتحه أبو بكر خرج في أوّل صفحة فضائح القوم ...»(١).
فلو قلنا بهذا الاحتمال فهو يصحّح ما جاء في الكتب الشيعية من أنّ الخليفة أراد بجمعه حذف تلك الأسماء ، لقول الراوي في تلك الأخبار : «ثمّ أحضروا زيد بن ثابت ـ وكان قارئاً للقرآن ـ فقال له عمر : إنّ عليّاً جاء بالقرآن وفيه فضائح المهاجرين والأنصار ، وقد رأينا أن نؤلّف القرآن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(١) الاحتجاج ١ / ٢٢٧.