وفي خبر آخر عن السدّي ، عن عبد خير ، عن يمان ، قال : «لمّا قبض النبيّ(صلى الله عليه وآله) أقسم عليّ ـ أو حلف ـ أن لا يضع رداءه على ظهره حتّى يجمع القرآن بين اللوحين ، فلم يضع رداءه على ظهره حتّى جمع القرآن»(١).
* وروى الحسكاني في شواهد التنزيل بإسناده عن محمّد بن سيرين أنّه قال : «لمّا مات النبيّ(صلى الله عليه وآله) جلس عليٌّ في بيته فلم يخرج ، فقيل لأبي بكر : إنّ عليّاً لا يخرج من البيت كأنّه كره إمارتك. فأرسل إليه فقال : أكرهت إمارتي؟ فقال : ما كرهت إمارتك ولكنّي أرى القرآن يزاد فيه ، فحلفت أن لا أرتدي برداء إلاّ للجمعة حتّى أجمعه. قال ابن سيرين : فنبّئت أنّه كتب المنسوخ وكتب الناسخ في أثره»(٢).
* وقال محمّد بن عبدالكريم الشهرستاني (ت ٥٤٨ هـ) في مقام التعليق على جمع الخلفاء للقرآن : «كيف لم يطلبوا جمع عليّ بن أبي طالب؟! أو ما كان أكتب من زيد بن ثابت؟!
أو ما كان أعرب من سعيد بن العاص؟!
أو ما كان أقرب إلى رسول الله(صلى الله عليه وآله) من الجماعة؟! بل تركوا بأجمعهم جمعه واتّخذوه مهجوراً ، ونبذوه ظهريّاً ، وجعلوه نسياً منسيّاً ، وهو عليهالسلام لمّا فرغ من تجهيز رسول الله(صلى الله عليه وآله) وغسله وتكفينه والصلاة عليه ودفنه ، آلى أن لا يرتدي بُرداً إلاَّ لجمعة حتّى يجمع القرآن؛ إذ كان مأموراً بذلك أمراً جزماً ، فجمعه كما أنزل من غير تحريف وتبديل ، وزيادة ونقصان. وقد كان أشار النبيّ(صلى الله عليه وآله) إلى مواضع الترتيب والوضع ، والتقديم والتأخير ، قال أبو حاتم : إنّه وضع كلّ آية إلى جنب ما يشبهها.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(١) شواهد التنزيل ١/٢٧/ح ٢٥ ، وانظر المناقب للخوارزمي : ٩٤/ح ٩٣.
(٢) شواهد التنزيل ١/٣٨/ح ٢٧.