فممّا استدلّ به القائل بالأعمّ التّبادر وعدم صحّة السّلب عن المعنى الأعمّ وفيه أنّه لا مجال لهذه الدّعوى أصلا إذ دعوى التّبادر وعدم صحّة السّلب لا بدّ وأن يبتني على ادّعاء حيثيّة صدق المفاهيم الاشتقاقيّة على الذّات بحيث تكون تلك الحيثيّة الّتي عبّرنا عنها بملاك الصّدق باقية في عالم الاعتبار بعد انقضاء المبدا عن الذّات وإلّا فمع فرض عدم بقاء تلك الحيثيّة ولو في عالم الاعتبار بل تكون حيثيّة الصّدق نفس المبدا المنقضي ، كيف يعقل صدق المفهوم الاشتقاقيّ على الذّات؟! ومن البديهيّ أنّ التّبادر لا يكاد يكون الّا بانسباق ملاك الصّدق أوّلا فإنّ الجسم السيّال مثلا لا ينسبق من لفظ الماء إلّا بانسباق ملاك صدقه أوّلا. مع أنّ الوجدان حاكم على خلافه في المقام إذ ليس في التّصوّر حيثيّة صدق لمفهوم المشتقّ إلّا نفس المبدا فبملاك وجود المبدا يصدق المشتقّ على الذّات بدون جهة اخرى بالوجدان ومع انتفاء هذا الملاك ينتفي الصّدق بالضّرورة كما أنّه مع انتفاء ملاك صدق الماء على الجسم السيّال ينتفي الصّدق بالضّرورة.
وفرض الحيثيّة الانتزاعيّة في وعاء الاعتبار حتّى بعد انتفاء المبدا فهو ممّا يكذّبه الوجدان إذ ذلك الأمر الانتزاعيّ يحتاج في تصوّره إلى التّعمّل والتكلّف حتّى يتصوّر في العقل للمفاهيم الاشتقاقيّة ملاكات انتزاعيّة كي تكون تلك الملاكات ملاكات الصّدق فكيف يكون متبادرا عند العرف مع أنّ تصوّره يحتاج إلى مزيد تكلّف وتعمّل. ومن هنا يظهر أنّ التّفصيلات المذكورة من الالتزام بالأعميّة في بعض المشتقّات والأخصيّة في بعضها الآخر ممّا لا وجه لها أصلا.
أمّا التّفصيل بين كون المشتقّ محكوما عليه في الكلام أو محكوما به فلا وجه له أصلا إذ لازم هذا التّفصيل الالتزام بأنّ المفاهيم الاشتقاقيّة غير موضوعة بصيغها الإفراديّة لمعنى بل معانيها تابعة للهيئات المركّبة وقد ظهر فساد هذا المعنى من ذي قبل.
وأمّا التّفصيل بين المشتقّات الّتي تكون مباديها منصرمة الذّات فتكون معانيها الأخصّ والّتي تكون مباديها قارّ الذّات فتكون بالمعنى الأعمّ ففيه أيضا أنّ هذا التّفصيل ممّا لا شاهد