إلى ذاته أولى وأنسب واكد من إسناده إلى غيره فهو نظير أبيضيّة البياض وأبيضيّة الجسم.
وأمّا الإسناد إلى المجرّدات من الحقائق الرّوحانيّة الّتي تكون ما فوق الزّمان فليس إلّا بلسان المحبوسين في سجن الزّمان والتّعبير بالعبارات العرفيّة من باب التّفهيم والتّفاهم وإلّا فربّما لا يلوح في نظر الواضعين معنى المجرّدات أصلا ولا يمكن لهم تصوّر الماهيّات المجرّدة الّتي يكون وعاء وجودها غير وعاء الزّمان والمكان فضلا عن الذّات المستجمعة لجميع الصّفات الكماليّة الّتي فوق المجرّدات. هذا بالنّظر العرفيّ.
وأمّا بالنّظر الدّقي العرفانيّ فلا بأس بالالتزام بالتّجوّز أو التّجريد ولكن التّجوّز ليس تجوّزا عرفيّا لغويّا حينئذ بل هو التّجوّز العقليّ العرفانيّ فتدبّر.
وأمّا قضيّة صدق أفعال الماضي والمضارع مع عدم المضيّ والاستقبال حقيقة كما في مثل يجيئني زيد بعد عام وقد ضرب قبله بأيّام أو جاء زيد في يوم كذا وهو يضرب بعد ذلك الوقت بأيّام ، ففيه أيضا أنّ الملاك في المضيّ والاستقبال هو حال الانتساب والإسناد لا حال التكلّم والنّطق كما لا يخفى.
تأسيس الأصل
والحقّ أنّه لا مجال لجريان أصل من الأصول عند الشّك على نحو كليّ ، اللهمّ إلّا في خصوص الموارد الجزئيّة ، فحينئذ يختلف الأصل باختلاف الموارد فقد يجري الاستصحاب وقد يجري البراءة وقد يجري الاشتغال وليس للمقام مجال للتعرّض على خصوصيّات الموارد ومجاري الأصول في جزئيّاتها. هذا كلّه في مقام التّوضيح والتّمهيد. وقد عرفت بيان الحقّ في كلّ منها. إذا عرفت تمام ذلك فنقول :
أمّا ما استدلّ به كلّ من الفريقين على إثبات مدّعاه فأمور. ونحن نذكر هاهنا خصوص ما استدلّ به القائلون بالأعمّ مع ما فيه من المحذورات ليتّضح الأمر وينتضح الحقّ وهو القول بالأخصّ كما نبّهنا عليه في ضمن المقدّمات.