والحقّ أنّ كلامه في خصوص الأمر والنّهي في غاية المتانة كما يؤيّده ظاهر إطلاق الأمر والنّهي لأنّه في الأوّل بعث نحو الفعل وفي الثّاني زجر عنه بدون إفادة الزّمان أصلا ولكنّ الأمر في ساير الأفعال على خلاف ذلك إذ من الواضح انفهام زمان الماضي من «ضرب زيد» وزمان المستقبل من «يضرب زيد» وهذا لا يختصّ بالعربيّة بل يستفاد من أفعال جميع اللّغات كما يقال في الفارسيّة «زد» ، «مى زند» فإنّهما يدلّان عند المتفاهم العرفيّ في بادئ الأمر على الزّمان في الماضي والمضارع.
وأمّا ما أفاده (قده) من أنّ لكلّ من الماضي والمضارع خصوصيّة موجبة للدّلالة على الوقوع في الزمان فغير قابل للقبول. لأنّا لا نرى في مفهوم ضرب ويضرب خصوصيّة أخرى غير الزّمان وكلامه هذا ليس إلّا من قبيل الإحالة على أمر مجهول أو ادّعاء لا شاهد له. وأمّا تأييد هذا الكلام بأنّ المضارع يكون مشتركا معنويّا بين الحال والاستقبال حيث لا معنى لذلك إلّا أن يكون للمضارع خصوصيّة غير الزّمان قابلة الانطباق على الحال والاستقبال فإنّ الزّمان بنفسه لا يكاد يكون جامعا بين الحال والاستقبال ، ففيه أنّ هذا التّاييد غير مؤيّد ولا مسدّد فإنّه من الممكن المعقول تصوير الجامع من نفس الزّمان بحيث يمكن الانطباق على الحال والاستقبال بدون فرض خصوصيّة مجهولة موهومة في المعنى وذلك بافتراض قطعة مفروزة من الزّمان ممتد من الآن إلى الغد مثلا بحيث يدلّ وينطبق الفعل المضارع تارة على الوقوع في ابتداء ذلك الامتداد الزّمانيّ وأخرى على الوقوع في انتهائه والأوّل هو الحال والآخر هو الاستقبال وهذا بدون فرض خصوصيّة لا محصّل لها في المفهوم ومن الممكن المحتمل أنّ ما يدلّ عليه الفعل المضارع من الزّمان هو ذلك الامتداد من الزّمان ومعلوم أنّ تلك القطعة جامعة بين الحال والاستقبال.
وأمّا حديث لزوم المجاز والتّجريد عند الإسناد إلى نفس الزّمان والمجرّدات ففيه أيضا ما لا يخفى. أمّا الإسناد إلى نفس الزّمان كقولنا مضى الزّمان فلأنّ انقضاء كلّ شىء من الزّمانيات بحسب الزّمان وانقضاء الزّمان بنفس ذاته لأنّ الزّمان زمانيّ بذاته فإسناد الشيء