مسلك بعض الحكماء إن فرضت له آنات متتالية أو أجزاء لا يتجزّى بحيث تكون حقيقة ملتئمة ومركّبة من تلك الآنات والأجزاء فهو غير معقول بمقتضى تلك البراهين المذكورة في محلّة ، فلا بدّ وأن يقال إنّ للزّمان واحدة اتّصاليّة تدريجيّة وهو عين الواحدة الشّخصيّة مع تصرّمه وانقضائه ، فإنّ التّصرّم في بعض الحقائق هو عين البقاء والتّجدّد والانقضاء عين الفعليّة والحصول فللزّمان امتداد وحدانيّ لا يتناهى ويقع بعينه ظرفا للأشياء ولكنّه مع تجدّده وتصرّمه شيء واحد وذلك الشّيء باق وإن فرض انقضاء المبدا عنه ، فاسم الزّمان داخل في حيطة البحث ومحلّ الكلام فإنّه إن لم يكن مع تجدّده باقيا بل يفرض له أجزاء منصرمة منقضية يلزم تتالي الآنات وتركّب الشّيء من الأجزاء الّتي لا تتجزّى فتدبّر في المقام واغتنم.
الرّابع : لا شبهة في أنّ الأفعال والمصادر المزيد فيها خارجة عن محلّ النّزاع وذلك لوضوح عدم جريها على الذّات وأمّا وقوع الأفعال خبرا للمبتدا ويقال زيد يضرب فليس ذلك معنى الجري على الذّات إذ الجري بمعنى الحمل المتفرّع على الاتّحاد كما في المشتقّات.
الخامس : قال شيخ سيّدنا الأستاذ في الكفاية : إنّ ما اشتهر في ألسنة النّحاة في تعريف الفعل من أنّه يقترن بأحد الأزمنة الثّلاثة اشتباه محض ضرورة عدم دلالة الأمر والنّهي على الزّمان بل يدلّ على إنشاء طلب الفعل والتّرك والطّلب وإن وقع في الحال إلّا أنّه مثل الإخباريّات لا يدلّ على الزّمان وأمّا الأفعال الأخر فيمكن أيضا منع دلالتها على الزّمان إلّا بالإطلاق والإسناد إلى الزّمانيّات ، وإلّا ففي صورة الإسناد إلى نفس الزّمان أو إلى المجرّدات يلزم القول بالتّجريد والمجاز.
نعم لا يبعد أن يكون لكلّ من الماضي والمضارع بحسب المعنى خصوصيّة أخرى توجب الدّلالة على الماضي في الماضي وعلى الحال والاستقبال في المضارع. هذا ما أفاده هذا المحقّق (قده) في كتابه وقد نقلنا ما هو موضع الحاجة في تحقيق المقام.