البحث في اقتضاء النّهي للفساد
ممّا لا يخفى على من راجع المطولات أنّ الأبحاث في هذه المسألة ليست بأغلبها فيما هو الجهة المهمّة في المقام بل أكثرها إنّما هي من قبيل التطويلات في أطراف المسألة مثل أنّ هذه المسألة هل هي من مسائل علم الأصول أو هي من مباديه العقليّة؟ إلى غير ذلك فاللازم لنا البحث فيما هو المهمّ فنقول هاهنا
الأوّل : الصحيح هو الموجود المترقّب عنه الآثار بلحاظ انطباق العنوان عليه والفاسد ما يقابل ذلك وهو ما لا ينطبق عليه العنوان سواء كان ذاك العنوان من العناوين الاعتباريّة أو من الماهيّات الحقيقيّة كالجواهر والأعراض. فليعلم أنّ الصحّة والفساد في أبواب العبادات كلّها ـ أي العبادات بالمعنى الأعم أو الأخصّ ـ وفي أبواب المعاملات وفي الأمور المتأصّلة التكوينيّة كلّها بمعنى واحد وهما معنيان إضافيان يتّصف بهما الموجودات الخارجيّة باعتبار انطباق المفهوم إليها وباعتبار نسبة تلك الموجودات إلى عناوينها ومفاهيمها. وبعبارة أخرى الموجود الخارجيّ من حيث هو وباعتبار نفسه لا يكاد يتّصف بالصّحّة أو الفساد لأنّه بما هو الموجود الخارجيّ موجود ولا معنى لكونه صحيحا أو فاسدا كما أنّ المفاهيم باعتبار المفهوميّة وفي مقام بساطتها لا يكاد تتّصف بالصحّة والفساد أيضا لأنّ المفاهيم في حدّ المفهوميّة ماهيّات من حيث هي والماهيّة من حيث هي ليست إلّا هي لا فاسدة ولا لا فاسدة ولا صحيحة ولا لا صحيحة بل المتّصف بالصحّة أو الفساد هو الموجود الخارجيّ باعتبار انطباق المفهوم المتوقّع وجوده عليه أي باعتبار توقّع كون هذا الموجود مصداقا لهذا المفهوم ، فإذا انطبق عليه هذا العنوان يكون صحيحا ويترتّب عليه الآثار المترتّبة على الماهيّات والعناوين الموجودة فإن لم ينطبق عليه العنوان يكون فاسدا مثلا الصّلاة من حيث المفهوم لا تتّصف بالصحّة والفساد ومن حيث الوجود الخارجيّ بما