فإنّ من الموصول بدل من النّاس بدل الجزء من الكلّ فيدلّ على تنويع
المكلّفين بالمستطيع وغير المستطيع على سبيل القضايا الحقيقيّة. وثالثا يمكن أن
يكون مفاد الهيئة على نحو المعنى الاسميّ لا الحرفيّ كقول القائل يجب عليك الحجّ
عند الاستطاعة.
ورابعا نفس
البعث في مثل صيغه افعل كذا وإن كان مغفولا عنه بخلاف أطلب منك كذا أو يجب عليك
كذا ، كما أسلفناه ، إلّا أنّ هذا البعث الحقيقيّ المغفول عنه قد يكون على تقدير
وقد يكون على جميع التّقادير كنفس الإرادة المنقدحة في نفس الامر أو في نفس الشّخص
المريد للشّيء فإنّ الإرادة وإن كانت مغفولا عنها حينما يريد شيئا إلّا أنّها قد
تكون على تقدير وقد تكون على أيّ التّقادير. والمراد ممّا نقل عن بحث الشّيخ (قده)
، إن كان هو أنّ البعث لما كان مغفولا عنه لا يمكن تقيّده بقيد على خلاف المفاهيم
الاسميّة فإنّها ليست مغفولا عنها ، يجاب عنه بأنّ البعث ليس إلّا كالإرادة فكما
أنّها مع الغافلة عنها يمكن أن تكون بحسب وجودها الواقعيّ على تقدير أو على أيّ التّقادير
كذلك البعث ومعلوم أنّ عدم الالتفات إليه غير عدم وجودها الواقعيّ. هذا كلّه فيما
يجاب عن الإشكال الأوّل.
أمّا الإشكال
الثّاني ، وهو أنّ الهيئة لما كانت آلة إيجاد الطّلب وتحقّقه وهو لا يمكن أن تكون
معلّقة على شيء ومشروطة بشيء فإنّ الإيجاد مساوق للوجود والتّحقّق والتّعليق هو
اعتبار اللاتحقّق وهما لا يجتمعان ، فيجاب أيضا بأنّ الإيجاد إيجاد اعتباريّ
والإيجاد الاعتباريّ أمره سهل والمغالطة إنّما وقعت من اشتباه الأمر المحصّل
بالأمر الاعتباريّ وإلّا فالإيجاد الاعتباريّ كالوجود الاعتباريّ يقبل التّعليق
والاشتراط كما هو واقع بكثير.
ولباب الكلام
في المقام هو أنّه لا مانع أصلا من الالتزام بالوجوب المشروط ثبوتا وإثباتا إلّا
أنّ شرائط التّكليف يرجع إلى شرائط ممكنيّة التّكليف ، على ما بيّنّاه واخترناه ،
دون شرائط ثبوت التّكليف ووجوده كما هو المعروف. وعلى مختارهم تارة يكون شرطا
متأخّرا عن التّكليف أو مقارنا أو متقدّما عليه فعلى أيّ تقدير لا إشكال في اشتراط
الوجوب وتقيّد التّكليف بهذه القيود بأنحائها.