المتوجّهة إلى العبد إنّما هى لترك صومه أو ظهاره ووجوب الكفّارة إنّما هو لرفع هذه المفسدة فكيف يمكن أن يكون ترك الصّوم أو الظّهار قيدا للمطلوب؟ وأمّا إذا كان الطّلب للدّفع كما أنّه لو كان القيد موجبا لمعرضيّة المكلّف للوقوع في المفسدة فإنّ القيد الّذي يوجب معرضيّة المكلّف للوقوع في المفسدة كيف يمكن أن يكون مأخوذا في المطلوب؟ فلا يمكن إلّا أن يكون قيدا وشرطا لنفس الطّلب بحيث لا طلب إلّا بعد حصول هذا القيد والشّرط.
ورابعة ما إذا كانت المصلحة في فعل مطلقا وبلا شرط ولكن يكون في بعث المولى نحوه بنحو الإطلاق مانع أو قصور في ناحية المكلّف كما في موارد عجز المكلّف وجنونه أو كونه غير مميّز أو كونه غافلا أو نائما فإذا كان الفعل على نحو الإطلاق ذا مصلحة لا يمكن أن يرجع القيد إلى المادّة عقلا ضرورة عدم دخالة تلك القيود في المصلحة فلا معنى لتقيّدها بها فلا محالة يرجع تلك القيود إلى الهيئة. وهذا واضح غايته إذا عرفت حال القيود وأنّ بعضها يرجع إلى المادّة كما في الصّورة الأولى وبعضها إلى الهيئة كما في الصّور الأخر ومعلوم أنّ مقتضى القواعد العربيّة والمتفاهم العرفيّة رجوع القيد إلى الهيئات ، كما اعترف الشّيخ (قده) ، فلا بدّ عند عدم إحراز رجوعها إلى المادّة إرجاعها إلى الهيئة بمقتضى الظّواهر في مقام الإثبات ، ضرورة أنّ حكمة الوضع تقتضى أن تكون بإزاء هذا المعنى الّذي هو مورد الاحتياج كثيرا في المحاورات العرفيّة لفظ دالّ عليه والشّبهة الواردة في المقام من قبيل الشّبهة في مقابل الضّرورة مع أنّها قابلة الدّفع فنذكر الشّبهة مع أجوبتها.
الأوّل ما نقلناه من أنّ الهيئة معنى حرفىّ ليس قابلا للإطلاق فلا يكون قابلا للتّقييد.
والجواب عنه أوّلا بأنّه يمكن أن يوجد الطّلب من أوّل الأمر مقيّدا بقيد كذا فيوجد مقيّدا لا أنّه يوجد فيقيّد كي يرد الإشكال.
وثانيا بإرجاع قيود الطّلب إلى قيود المكلّف فإنّ ظاهر قوله تعالى «لله على النّاس حجّ البيت من استطاع إليه سبيلا» هو إيجاب الحجّ على الشّخص المستطيع فلا يرد الإشكال أيضا. بيانه أنّ ظهور الآية الشّريفة هو تنويع المكلّفين إلى نوعين على نهج القضايا الحقيقيّة