الممكن ، كما هو الحقّ ، أن تكون هذه الواحدة الاتّصاليّة شرطا دخيلا في قابليّة القابل ، كما هو شأن كلّ شرط بالنّسبة إلى مشروطه ، فلا المعدّ شيئا غير ما هو الشّرط بهذا المعنى إلّا أنّ المعدّ هو الشّرط الّذي يكون حقيقة وجوده كالحقائق المتصرّمة المتدرّجة الّتي بقائها عين انصرامها والشّرائط الأخر ليست هكذا.
هذا كلّه في أجزاء العلّة كلّ على حياله. وقد يطلق السّبب ويراد به ما هو العلّة التّامّة كما هو المشتهر المصطلح في لسان أهل المعقول ويستفاد هذا من موارد استعمالاتهم وتمثيلهم بحركة اليد وحركة المفتاح. وهذا غير ما عرفت من أنّ السّبب ما منه يفيض الوجود فإنّه ينطبق على المقتضي كما أشرنا إليه إلّا أنّه يمكن توافق الاصطلاحين والتّصالح بينهما بأن يكون المراد من تعبير المقتضي بالسّبب هو خصوص المقتضي الّذي يكون ملازما لشراشر الشّرائط وعدم الموانع الّذي يكون نتيجة السّبب التّامّ. فكيفما كان فالنّزاع يقع في تمام هذه المقدّمات على أنحائها من أنّها هل تجب بوجوب ذيها أم لا؟
وهذا بلا كلام ، إنّما الكلام في الأسباب التّوليديّة المباشريّة مثل الحركة لليد المتولّد عنها حركة المفتاح وهو أنّ هاتين الحركتين هل توجد بوجود واحد بحيث إنّ حركة اليد عين حركة المفتاح وجودا ، فيخرج عن حريم النّزاع لأنّه ليس هاهنا شيئان موقوف وموقوف عليه ، أم لا بل يكون حركة اليد علّة وجود حركة المفتاح بحيث توجد حركة اليد أوّلا وحركة المفتاح ثانيا وفتح الباب ثالثا؟ وهو الأصحّ لأنّ هاهنا إيجادات ثلاثة : تحريك اليد وتحريك المفتاح وفتح الباب فتكون الوجودات أيضا ثلاثة لأنّ الإيجادات عين الوجودات ذاتا إلّا أنّ تلك الإيجادات منتسبة إلى الفاعل بإرادة واحدة فالأوّل متعلّق الإرادة بلا واسطة والباقي مع الواسطة. وبعد الفراغ عن التّعدّد بحسب الوجود هل الأمر بالمسبّب كما هو ظاهر أدلة بعض الأحكام هو الأمر بالسّبب حقيقة دون المسبّب ، فيخرج عن حريم نزاع وجوب المقدّمة ، أم لا بل ما هو متعلّق الأمر هو المسبّب كما هو الظّاهر والسّبب يكون مقدّمة لوجوده فيقع في حريم النّزاع؟