الجامعة أيضا تكون من العوارض بالقياس إلى تلك الجهات إلّا أنّ عروض كلّ واحد منهما بالنّسبة إلى الآخر لا ينافي تعيّن إحداهما للموضوعيّة لأنّها المعلومة المتبادرة أوّلا والاخرى للمحموليّة لأنّها المجهولة ثبوتها لها كما عرفت في المقدّمة الثّانية.
فتلك الجهة المشتركة تكون موضوعا للعلم لسريانها في جميع المسائل ومع فرض كونها المتبادرة أوّلا تقع محمولا في قضايا المسائل لفرض أعمّيّتها بالنّظر إلى الحيثيّات المائزة والأعمّ هو المحمول بالطبع كما عرفت تفصيله في المقدمة الثالثة. فتحصّل وثبت أنّ تمايز العلوم إنّما هو بتمايز الحيثيات المشتركة بين المسائل وتلك الحيثيّات هي الموضوعات للعلوم وإن وقعت محمولات في المسائل.
وأمّا الأغراض فكلّها خارجة عن حدود ذوات المسائل ولا تكون مأخوذة لا في عقد وضعها ولا في عقد حملها فكيف يحصل بها التمايز بين العلوم كما عرفت في المقدّمة الخامسة؟ كما ثبت أنّ موضوع كلّ علم هو الّذي يبحث فيه عن عوارضه الذّاتيّة والعوارض الذّاتيّة بالمعنى الّذي ذكرناه هي الّتي تكون خارجة عن ذات الشّيء مفهوما ومتّحدة معه مصداقا من دون احتياج إلى واسطة وتقدير في هذا الحمل.
فمسائلها عبارة عن القضايا الّتي يحكم فيها بثبوت الجهات المائزة للجهة المشتركة الّتي هي الموضوع واقعا وتلك الجهات المائزة هي المطلوبة ثبوتها للموضوع أولا ثبوتها وهي العوارض الذّاتيّة لموضوع العلم.
وبما ذكرناه يظهر أنّ ما هو المعروف في الأفواه عن بعض أعلام فنّ الحكمة من أنّه قد يكون تمايز العلوم بتمايز الموضوعات المقيّدة بالحيثيّات كالكلمة والكلام المقيّدة بحيثيّة الإعراب والبناء ، لا يخلو عن تسامح واضح ، فإنّ الموضوع للعلم نفس تلك الحيثيّات المشتركة وبها يحصل التّمايز الذّاتيّ بين العلوم لا أنّ تلك الحيثيّات قيود لشىء ومجموع القيد والمقيّد موضوع للعلم. وذكر الكلمة والكلام في موضوع علم النّحو ربما يكون من باب التقريب إلى أذهان المتعلّمين كما أنّ ما ذكره صاحب الفصول من أنّ العرض الذّاتيّ ما