كان عارضا للمعروض بلا واسطة عارض آخر واضح الفساد.
لأنّ المراد بالعرض في المقام ليس ما هو المصطلح عند الحكيم الطّبيعي بل المراد هو العرض في باب الكليّات الخمس والأعراض في هذا الباب كلّها منتزع من ذات الحيثيّة المشتركة ولا ينقسم إلى ما بواسطة أو غيرها. ويكفي لذلك التّوجه الى الجنس العالي بالنّسبة إلى فصل الفصول فإنّ كلّها أعراض ذاتيّه لفصولها الأخيرة بلا واسطة وجوديّة وهذا من الخلط بين الاصطلاحين. كما أنّه بما ذكرناه يظهر وجه الإشكال فيما أفاده المحقّق الخراساني (قده) من أنّ موضوع العلم هو نفس موضوعات المسائل وما يتّحد معها خارجا كالطّبيعى وأفراده. لما عرفت في المقدّمة الرّابعة أنّ موضوع العلم هو الحيثيّة المشتركة وتلك الحيثيّة إمّا بنفس مفهومها تقع محمولا في القضايا وإمّا بأقسامها وأنواعها. فموضوع العلم إمّا هو نفس المحمولات كما في مسائل الفلسفة والأصول وإمّا جامع تلك المحمولات فحينئذ تكون نسبة موضوع العلم إلى تلك المحمولات نسبة الطّبيعيّ إلى أفراده.
وإلّا فنسبة موضوع العلم إلى موضوعات المسائل ليس كنسبة الطّبيعيّ إلى أفراده لأنّ موضوعات المسائل هي الحيثيّات المائزة الخاصّة الّتي قلنا أنّها منتزعة من تلك الحيثيّة المشتركة وتكون من تعيّنات تلك الحيثيّة ومن شئونها لا من أفرادها.
وأمّا الطّبيعي فهو تمام حقيقة كلّ فرد من أفراده والفرد ليس من المفاهيم الانتزاعيّة من بعض أحوال الطّبيعيّ كي يكون من شئونه وتعيّناته.
كما يظهر وجه النّظر فيما أفاده أخيرا من أنّه لو كان تمايز العلوم بتمايز الموضوعات لكان كلّ مسألة من كلّ علم علما برأسه.
وذلك لما عرفت في المقدّمات أنّ موضوعات المسائل والأبواب هي الحيثيّات المائزة بين المسائل والعوارض الذّاتيّة للجهة المشتركة وهي لا تكاد تكون من أفراد الحيثيّة الجامعة المشتركة بل من عوارضها الذاتية وتلك الحيثيّات مع كثرتها لا تكاد تنثلم بها واحدة الجهة المشتركة الجامعة لها لأنّ كثراتها منطوية في واحدة الحيثيّة المشتركة وواحدتها