الشرائط في ضمن دعوته للكلّ على سبيل الدلالة التّضمنية فلا يعقل تحريكه ودعوته للأجزاء والشرائط مستقلا ومتمايزا عن دعوته عن البعض الآخر ومتمايزا عنه وهذا كما فرض في هذا المقام على ما هو المتحصّل من كلامكم هذا فإنكم فرضتم أن الامر الذي تعلّق بالأجزاء يكون أمرا ضمنيا مقدميا والأمر النفسي هو الأمر بالكل الذي ليس الّا هذه الاجزاء مع قصد الأمر. فالأمر النّفسي بالكل هو الأمر الحقيقى الذي تعلّق بالكلّ وهو لا يدعو إلّا إلى متعلّقه الذي ليس إلّا الكلّ لا هذه الأجزاء من دون قصد الأمر.
قلت : لقد بيّنا أيضا أن الأمر لا يكون باعثا ولا محركا لإتيان المأمور به وإنّما الباعث والمحرك الحقيقي إحدى تلك المبادي النفسية وأما الامر فهو الموضوع المحقق لعنوان الإطاعة. ومع صرف النظر عما ذكرناه الامر لا يدعوا الّا الى ما ليس بحاصل من الاجزاء والشرائط ، والمفروض ان هذا القيد حاصل بحصول ساير الأجزاء والشرائط بقصد التوسل إلى المأمور به لأن الاتيان بالمقدمات لا يكاد يكون له معنى الا التوسل الى المأمور به والتقرب في الاجزاء والمقدمات عين التقرب في الكل الذى يعدّ ذا مقدمة لتلك الاجزاء فلا يلزم ان يكون قيد التقرب مدعوّا إليه حتى ينتهى إلى الدّور أو توقف الشيء على نفسه الذي يكون مناطا لاستحالة الدور.
إن قلت : فعلى ما بيّنتم لا يكون داعويّة الامر إلى الكلّ بل الى بعض المأمور به وبعض الآخر يتحصل بنفسه قهرا لان تحصيله كما ذكرتم يكون من قبيل تحصيل الحاصل وهذا عين الالتزام بالإشكال من أن اخذ قصد الأمر في المأمور به ليس بممكن اصلا.
قلت : لا بدّ وأن يكون على ذكر منك أنّنا حققنا في المقدمة الأولى أنّ قصد التقرب يؤخذ في المأمور به على وجوه ومن تلك الوجوه أنّ قصد التقرب على سبيل القيديّة أو على وجه المحصّلية لا يضرّ بالامكان بل الذي يسلب الامكان ويصيّره محالا هو أخذه على نحو الجزئيّة وأمّا على نحو القيديّة فهو حاصل قهرا بحصول تمام الأجزاء والشرائط الأخر وإذا كان المقام كذلك فلا يمكن دعوة الامر الى ما هو تحصيل للحاصل كما يكون الامر كذلك