ضروريّا عند العقول وكان من بديهيّات فنّ المعقول. فعلمه تعالى بما هو
المفاض المجعول فعليّ إيجابيّ وبهذه الذّاتيات والخصوصيّات غير المجعولة المترتبة
عليها الآثار والمعاليل في السّلسلة الطّوليّة يشبه بالعلم الانفعاليّ لا أنّه هو
بعينه حتّى يكون فيه تعالى شائبة الإمكان والانفعال ـ تعالى عن ذلك علوّا كبيرا ـ
بل من جهة أنّها لا تقبل الجعل والإيجاب فيشبه أن يكون العلم تابعا للمعلوم كما
أفاده هذا المحقّق العظيم (قده).
إذا عرفت ذلك
فاعلم أنّ الإنسان ؛ لما كان في ذاته خصوصيّات واستعدادات متخالفة وقوّة قاضية
يمتاز الإنسان بها عمّا سواه ، وهي الجوهرة العاقلة القاضية بين الحقّ والباطل
والمميّزة بين الصّلاح والفساد ، وله أيضا أميال بحسب الخصوصيّات المنطوية في ذاته
، ميل إلى العوالم العلويّة مؤيّدا بالضمائم الخارجيّة من بعث الرّسل ونزول الكتاب
ودعوات الأنبياء والأولياء عليهم صلوات الله وميل أيضا إلى العوالم السّفليّة
والالتذاذ بالملائمات الحيوانيّة من سنخ الميول الحيوانيّة ، وله أيضا الخيار
والاختيار فيما يعمل ويفعل ، فتارة يميل إلى الميول السافلة وأخرى يرغب ويشتاق إلى
الميول الروحانيّة العالية نظرا إلى المرجّحات والمرغّبات ، فكلّ هذا لما في ذاته
ومن ذاته خواصّ ذاتيّة وتأثيرات يترتّب على تلك الخواصّ ويترشّح منها من غير جعل
لتلك الخواصّ الذاتيّة إذ لا جعل بين الشّيء ولوازمه ولا جبر ولا قهر فيها إنّما
المجعول والمفاض عن المبدا الواجبى هو الجهات الوجوديّة لا هذه التّأثيرات
النّاشئة من الخواصّ الذاتيّة ، فالعلم بها تابع للمعلوم بهذا
__________________