العدوانى لا يكفى وحده فى ذلك ما لم يتحقق فيه الخروج المعنون بعنوان الدخول كما لا يكفى فى نفس الدخول لان قصد الحرام لا يعطى حكم فعله وقد حقق ذلك فى محله واما لو كان قد قصد ذلك من اول الدخول وبعد الدخول ندم على فعله واراد الاقلاع عنه والتخلص منه فهو وان كان ذا قدرة واختيار قبل الدخول فى ترك التصرف الخروجى وقد سلب عنه الاختيار بعد الدخول بسوء اختياره إلّا انه لم يسلب عنه الاختيار فى تبديل عنوان الخروج القبيح المحرم بعنوان آخر حسن محتم ضرورة انك قد عرفت ان المحرم هو الخروج بعنوان كونه تصرفا فى مال الغير عدوانا فلو ندم واراد الخروج بعنوان كونه تخلصا فلا ريب فى حسنه وفى طيب نفس المالك به ورضاه بل وامره فان كل مالك يأمر الغاصب الداخل بالخروج عن ملكه فان لم يأمره لفظا فهو يريده قلبا غاية الامر ان الغاصب اذا قصد بخروجه ما قصد بدخوله من العنوان اثم وكان حكمهما واحدا واما اذا ندم وقصد بالخروج امتثال امر المالك او مطابقة ارادته فلا ينبغى الشك فى انه جاء بامر حسن ثياب عليه اما بنفسه او بسبب ما يترتب عليه من ترك التصرف فى مال الغير عدوانا فالاذن مع الانحصار كانه مقطوع بها حتى لو قال المالك له اخرج من دارى وانت غير مأذون بالخروج اولا ابيح لك هذا التصرف وقد علم منه الندم وانه لم يقصد به الا التخلص لعده العقلاء سفيها وبالجملة فالافعال المحرمة بعناوين خاصته المباحة بعناوين اخرى تتبع ذلك العنوان فى الحكم سواء كان وجودها بنفسه اختياريا او بالواسطة لان اختيارية العنوان لا تكون بالواسطة ابدا ومن هنا ذكر المحققون من الفقهاء ان القاصد بسفره المعصية يتم فى الذهاب والاياب ما لم يكن حال الرجوع نادما تائبا فانه يقصر ومنهم من اطلق القصر حال الرجوع نعم ربما يثبت بالقصد الاول عليه حكم التجرى المعفو عنه لانه بالقصد فقط فظهر بما ذكرنا عدم كون حرمة الخروج معلقة على ارادة المكلف غيره وهو البقاء وعدم كون عدم حرمته معلقا على ارادته تخلصا لما عرفت من ان الخروج بما هو خروج غير محرم وانما المحرم هو التصرف العدوانى وغير المحرم هو التصرف تخلصا من التصرف العدوانى ومن المعلوم تضاد هذين العنوانين فلا يمكن ان يكونا مجتمعين