ولا يذهب عليك ان حكمه قده هنا بكون الحسن والقبح تابعين لما هو المعلوم من جهاتهما فلا تؤثر جهة القبح المجهولة فعلا فى الحسن المعلوم الجهة قبحا بل يبقى على حسنه وكذا العكس يناقض ما تقدم منه فى مقدمة الواجب من عدم لزوم الاتيان بها بداعى التوصل وان الدخول فى دار الغير وفيها غريق او حريق يقع على صفة لوجوب لا الحرمة وان لم يشعر الداخل بما فيها ولم يقصد بدخوله الا التصرف عدوانا ولا مدفع لهذا التدافع وتوهم ان كون المقدمة مما لا تتصف فى نفسها بحسن او قبح يوجب مغايرتها للمقام حكما مما لا ينبغى ان يصغى اليه لوجوه لا تخفى على الفطن وكيف كان فقد تحصل ان حصول الغرض كاف فى سقوط الامر وان لم يكن ذلك امتثالا (مع انه يمكن ان يقال بحصول الامتثال مع ذلك ايضا فان العقل لا يرى تفاوتا بينه وبين ساير الافراد فى الوفاء بغرض الطبيعة المامور بها وان لم تعمه بما هى مامور بها لكنه لوجود المانع لا لعدم المقتضى ومن هنا انقدح انه يجزى ولو قيل باعتبار قصد الامتثال فى العبادة وعدم كفاية الاتيان بمجرد المحبوبية كما يكون ذلك فى الضد الواجب حيث لا يكون هناك امر يقصد اصلا) قلت قد مضى الكلام فى ذلك فى الضد الواجب وذكرنا عدم تعقل صدق الامتثال بانطباق الطبيعة المامور بها على الفرد المستحيل عمومها له بما هى مامور بها او بوفاء هذا الفرد بغرض الامر من امره مع عدم تعلق امر به فعلا فتفطن نعم يمكن ان يقال بامكان تصور وجه آخر لحصول الامتثال وهو ان تغليب جانب الحرمة انما يكون فى صورة الالتفات الى ان الغصب حرام لما عرفت من ان الحرمة تابعة للقبح والقبح انما يتصف به الفعل المعلوم انه قبيح فمع الجهل فلا يكون الغالب هو الحرمة بل يكون هو الوجوب لغلبة جهته حيث قد اتصف الفعل الماتى به بعنوان كونه حسنا مطلوبا بالحسن فاذا اختص تغليب جانب الحرمة بصورة الالتفات الى قبح الفعل وقع فى صورة الجهل امتثالا للامر لانه هو الغالب فتأمل جدا واليه اشار المصنف بقوله فيما يأتى واما لو قيل (وبالجملة مع الجهل قصورا بالحرمة موضوعا او حكما يكون الاتيان بالمجمع امتثالا وبداعى الامر بالطبيعة لا محاله) على ما ذكرناه