حققنا من صحة رجوع الشرط الى الهيئة كما لا يخفى وبذلك يتضح ان لها مقامين مقام الانشاء ومقام الفعلية فكل امر تعلق بذى مصلحة فى انشائه فهو مشروط فى مقام فعليته لانه فى ذلك المقام مشروط وله شرائط كثيرة وربما طال زمان وجود الشرط فالمنشأ فى قوله صل الجمعة اذا ظهر الحجة عجل الله فرجه هو الطلب على تقدير الظهور ولا ينافى ذلك كون المقتضى لاصل الانشاء هو المصلحة فى نفس الصلاة كما لا يخفى قلت هذا وان كان فيه من التحقيق الرشيق والتدقيق الانيق ما تجاوز قدر المدح إلّا انه تكلف شديد والتزام بعيد كما لا يخفى على من ألقى السمع وهو شهيد فان حديث تبعية الاحكام لمصالح فيها ليس المراد به قطعا انحصار وجه المصلحة فيه بحيث يكون المامور به خاليا عن كل مصلحة ينشأ منها طلب ما وانما يحتاج الى مرجح له على غيره فى تعلق الامر به دونه فان ذلك خلاف ما قضت به الدلائل القطعية من الكتاب والسنة كما لا يخفى على من راجع ما ورد فى اسرار الصلاة وكل مأمور به ومنهى عنه وما ورد فى انه لم يامر الله تعالى إلّا بحسن ولم ينه الا عن قبيح وغير ذلك مما لا يحصى بل المراد ان تعلق الامر بشيء يجوز ان يكون ناشئا عن مصالح فى المأمور به وفى الامر فقد تجتمع وقد تفترق فالامر الحقيقى العبادى مشتمل على مصلحة كالمأمور به بحيث لولاها لما امر به وهى حصول الطاعة من العبد المقر به له من المولى والامر الامتحانى مشتمل على المصلحة وحده دون المأمور به وهلم جرا ولو اريد غير هذا المعنى فهو باطل لا نقول به ومن المعلوم ان سنخ المصالح الأمرية مغاير لسنخ المصالح الاخرى والذى يؤخذ فى الكلام من القيود فيما ورد فى بيان الاحكام انما هو الثانى فانظر الى المثال الذى ذكرناه فى توضيح مراده وهو صل الجمعة اذا ظهر الحجة فهل ترى ان الوجوب المقيد بظهور الحجة عجل الله تعالى فرجه الموجب لوجود مصلحته تعلق بمطلق صلاة الجمعة او الوجوب المطلق تعلق بصلاة الجمعة المقيدة بظهوره الموجب لتمام مصلحتها حينئذ لا اراك تقول بالاول ضرورة ان من الواضح ان فى صلاة الجمعة فعلا تلك المصلحة التى كانت فيها فى زمن النبى صلعم غير ان لها فى هذا الوقت مانعا عن