عمله وان لم يكن اهلا لذلك او كان اهلا لغيره شاء واراد وجوده اى ترتبه على سببه الذى لم يكن امر هذا الترتب وجودا من حيث نفسه وعدما بيد العبد بل كان الذى بيده من ايجاد هذا المعلول ايجاد مقتضيه وانما صح تعلق التكليف بالمسببات لهذا النحو من القدرة فاذا لم يكن هذا العبد اهلا للطف لله تعالى به اراد الله تعالى وقوع هذا المسبب منه بعد اختياره بنفسه لداعى مقتضيات ذاته الخبيثة وعدم ركونه بالاختيار الى ما جعله الله تعالى مانعا لو اختار اتباعه عن تأثير ذلك المقتضى وارادته لايجاده بمقدماته بسوء سريرته وخبث باطنه اللذان هما تمام المقتضى والمؤثر فى ان يختار الركون الى النفس والاعراض عن العقل وارادة الفعل وهذا لا يرفع كون الفعل بارادته واختياره والفرق واضح بين كون هاتين الصفتين مقتضيتين لاختيار ايقاع الفعل وكونهما مقتضيتين لايقاعه بلا اختيار ألا ترى ان كثرة الديون والحاح الديان ربما ألجأ المديون واضطره الى اختيار بيع اعز الاشياء عليه فيقع البيع صحيحا اختياريا باجماع العلماء والعقلاء مع ان البائع فى حال كونه مختارا فى البيع مضطرا اليه اذ لا حيلة للخلاص سواء اما لو جرد الديان عليه سيفه فاوقع البيع خوفا فلا شك فى فساد بيعه والمقام من قبيل الاول وهذا حقيقة ما عناه الفحول من محققى الحكماء بقولهم ان الانسان فى حال كونه مختارا فى افعاله مضطرا اليها لا المعنى الثانى الغنى فساده عن اقامة البرهان بل على خلافه وجد ان كل انسان بل حيوان وهكذا الكلام فى جانب الطاعة فان مقدماتها ليست كلها بيد العبد فاذا اراد العبد الصلاة فليست الصحة بيده ولبست القوة بيده وليست كل امورها بيده فاذا عمد الانسان الى الطاعة فان كان يحسب مادته التى منها وجد وسريرته التى عليها طبع بما اهمل من اتباع عقله وتوغل فى اتباع نفسه ليس له اهلية القرب لم يشاء وجود تلك المقدمات له وان كان بحسب ذاته اهلا لذلك شائيا له فليس هو حيث شاء الله وجودها مجبورا على الطاعة ولا هو حيث لم تهم نفسه بالطاعة وان لم تكن مقدماتها موجودة مقهورا على العدم نعم هو حيث يعزم على الطاعة ولم يشاء الله تعالى وجود مقدماتها له مسلوب القدرة عليها وهذا معنى حسن التوفيق