القصاص والديات والحدود والضمانات وغيرها اقترى احدا يثبت بهذا الاطلاع شيئا منها على المطلع او ينفى عن الفاعل شيئا منها لاطلاع ابيه ان كان ولدا او سيده ان كان عبدا او سلطانه ان كان رعيه او عدوه ان كان بغيضا وهكذا فلا يأخذون منه دية ولا يرتبون عليه قصاص ويدرءون عنه الحد ويسقطون عنه الضمان كلا لا سبيل الى ذلك مع انهم ربما اكتفوا فى امثال الديات والضمانات بالتسبيبات الضعيفة اذا كانت اقوى من المباشرة وبالجملة لا تجد ابدا لدهر عاقلا من العقلاء ينسب فى امثال هذه المقامات المجبورية الى الفاعل والجابرية الى المطلع المريد وقوع الفعل فى الخارج من الفاعل بما هو مختار فى فعله او يعد عقوبة ذلك الفاعل عليه جورا فى حكمه واذا تصفحت ما عليه انت وسائر الناس على اختلاف طوائفهم وافعالهم حق التصفح ترى ذلك اوضح من الشمس وليست ارادة البارى تعالى وقوع الفعل بسببه الذى اقدم العبد عليه مختارا الا نحو من تلك الارادات ولعلك تغفل فتقول ان الفرق بين الارادتين عظيم فان ارادته تعالى موجده للفعل فى الخارج وارادة غيره لا اثر لها الا صرف مقارنتها لارادة الفاعل ولو عرفت حقيقة الامر ما قلت الذى قلت فان تعلق ارادته تعالى بوقوع الفعل معناه تعلقها بترتب هذا الاثر على علته المؤثرة فالمؤثر الموجد هو الفاعل بايجاد علة الفعل فهذه الارادة كارادة العبد ترتب الفعل فان الشخص المطلع كان قادرا على منعه عنه فلا يقع فلما اراد ان يقع وقع غاية الامر ان وراء ارادة العبد المطلع ارادة اخرى من مطلع آخر اقوى منها والارادة الاخرى ليس فوقها ارادة فاعقل ما اقول عقل من يريد الوصول وإلّا لم تظفر بالمامول هذا على اجماله مما حكم به الوجدان وسينكشف لك مكنون سره مفصلا بالبرهان الثانى من الامور حكم العقل اعلم ان العلة التامة لكل معلول هى التى يستحيل تخلف المعلول عنها وتمامية العلة انما هو باشتمالها على المقتضى وعدم المانع فاذا وجد المقتضى ولا مانع اثر اثره بالضرورة من العقل وانت من هذه العبارة تعقل ان المؤثر فى وجود المعلول فى الخارج هو المقتضى لا عدم المانع ومعنى كون عدم المانع جزء ان وجوده مانع عن تأثير المقتضى اثره