من العقلاء افيقولون جبر هذا الاب ولده على شرب الخمر باطلاعه عليه وعدم حيلولته بينه وبين الشرب او يقولون لو لم يكن هذا الولد قد بلغ الغاية من سوء السريره ما تركه ابوه يفعل إلّا انه لخبثه تركه ونفسه لتكون له الحجة فى الانتقام منه ثم انظر الى نفسك حيث تطلع على اقدام ولدك الطيب على معصيتك لدواع خارجيه لا ذاتيه الست تراه اهلا ان تحول بينه وبين ما يبعده عنك فتمنعه عن ذلك أفتكون بهذين الامرين عند نفسك والعقلاء ظالما وجائرا او عادلا ومتفضلا ثم انظر انك اذا كنت صاحب إدارة واسعة قد رتبتها على ما تقتضيه الحكمة كلا وجزء كما وكيفا ثم امرت اولادك بما فيه مصلحتهم ونهيتهم عما به مفسدتهم أتتركهم بمحض هذا الامر والنهى وان اقدموا فى مخالفتك على ما به انحلال نظام مملكتك او تكون انت من ورائهم فتتركهم حيث لا يكون خلافهم مخلا بمملكتك وتحول بينهم وبين ما ارادوا فيما اخل ثم انظر ايها السيد الى نفسك مع عبيدك او ليس الحال معهم كما هو الحال مع اولادك ثم انظر الى الناس اذا علموا انك نهيت عبدك عن ضرب ولدك وعلموا انك عارف بحقيقة هذا العبد ثم اطلعوا على العبد وقد قام وبيده عصاه وانت مطلع عليه حيث لا يراك مريدا منه وقوع المخالفة لتعاقبه فتوجه الى ولدك وضربه فعاقبته افترى العقلاء يقولون فلان لعبده جابر وبعقوبته له جائر ثم انظر الى حال الملك والرعية وما رتبه من القوانين الموجبة لاستقامة نظام المملكة وما قدر للعاصى من رعاياه من العقوبات فلو انه اطلع على ان زيدا او قد النار مريدا احراق عمرو فتركه ونفسه مريدا منه وقوع الاحراق وعاقبه افترى واحدا ممن بلغ مرتبة التمييز فضلا عن العقل يقول ان هذا الملك قد جبر هذا الرجل على الاحراق وانه جار عليه بعقوبته له ثم انظر الى ما لو اطلع شخص على هذا المحرق او على شخص جرد سيفه لقتل آخر وكان هذا المحرق او القاتل عدوا لهذا المطلع فتركه ونفسه مريدا وقوعه فى التهلكة وتنكيله بعد ذلك بالعقاب افترى احدا يقول ان هذا المحرق او القاتل مجبور على الاحراق والقتل والمطلع المريد وقوع ذلك منه فى الخارج بسوء اختياره جابر له او ترى احدا ياخذ من المطلع دية القتل فانظر الى جميع احكام