فيكون المعلول حال عدم المانع مستندا الى ذات المقتضي فحسب لا ان لعدمه تأثيرا فى وجود المعلول كما هو واضح فان الاعدام ليست اهلا لافاضة الوجود ثم انا اذا نظرنا الى المعلولات والمسببات بما هى معلولات ومسببات وجدناها غير مقدورة بنفسها وانما المقدور ايجاد عللها واسبابها فهى مقدورة بالواسطة لان ايجاد السبب المترتب عليه قهرا وجود المسبب كاف فى نسبة القدرة الى المسببات فالقدرة على ايجاد السبب لا توجب تعلق القدرة بترتب المسبب عليه لترتبه قهرا سواء وجد السبب بنفسه او اوجده موجد ومن هنا قلنا فى الدليل العقلى الذى استدل به القائل باستحقاق المتجرى للعقاب وهو انه لو قيل باستحقاق من صادف قطعه الواقع دون من لم يصادف لزم اناطة استحقاق العقاب وعدمه بما لا يرجع الى الاختيار وذلك قبيح ان عدم المصادفة وان كان بغير اختيار إلّا ان عدم العقاب لاجله لا قبح فيه ومن اعجب العجائب اعتراف جملة من المحققين بعدم اختيارية عدم ترتب المسبب ودعوى اختيارية ترتبه بكونه مختارا فى السبب فان الاختيار بالنسبة الى ايجاد السبب لا يوجب الاختيار فى ترتب المسبب فلا امر ولا نهى ولا ارادة ولا كراهة يخاطب بها العبد بالنظر الى المسبب الا كانت متعلقة بايجاد السبب اذ هو المقدور وبهذا المعنى صح تعلقها بالمسبب فكل الاوامر والنواهى على هذا المنوال ولا يعقل غيره ثم اعلم ان جميع العلل والاسباب فى كل باب من الابواب اذا نظرت الى هذا الوصف العنوانى فيهما وهو العلية والسببية وجدته مجعولا جعلا تكوينيا اما بجعل ذات العلة والسبب كايجاد النار المحرقة والشمس المشرقة واما بجعل نفس الوصف كما اوجد الله تعالى فى نار ابراهيم عليهالسلام معنى صارت به (بَرْداً وَسَلاماً) عليه فاثرت ضد ما كان فيها ثم اذا نظرت اليها من حيث الامور الخارجية فربما بلغت مرتبة التمام من وجود جميع اجزائها من مقتضى وشرط وعدم مانع واذا نظرت اليها بالنسبة الى مسببها وجاعلها وجدتها باجمعها من دون استثناء مثقال ذرة منها مقتضيات لا غير ولله فى ترتيب مسبباتها ومعلولاتها المشيئة ما شاء منها كان وما لم يشاء لم يكن فان شاء ان لا يترتب كان ذلك مانعا من تاثير المقتضى اثره وان شاء ان يترتب كان ذلك