عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ (٣٦) لِيَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعًا فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (٣٧) قُل لِّلَّذِينَ كَفَرُوا إِن يَنتَهُوا يُغْفَرْ لَهُم مَّا قَدْ سَلَفَ وَإِن يَعُودُوا فَقَدْ مَضَتْ سُنَّتُ الْأَوَّلِينَ (٣٨) وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ فَإِنِ انتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (٣٩) وَإِن تَوَلَّوْا فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَوْلَاكُمْ نِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ (٤٠) وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِن كُنتُمْ آمَنتُم بِاللَّهِ وَمَا أَنزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٤١) إِذْ أَنتُم بِالْعُدْوَةِ
________________________________________________________
على إنفاقها من غير فائدة أو يتأسفون في الآخرة (ثُمَّ يُغْلَبُونَ) إخبار بالغيب (لِيَمِيزَ اللهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ) معنى يميز : يفرق بين الخبيث والطيب ، والخبيث هنا الكفار. والطيب : المؤمنون وقيل : الخبيث ما أنفقه الكفار ، والطيب : ما أنفقه المؤمنون ، واللام في ليميز على هذا تتعلق بيغلبون ، وعلى الأول بيحشرون (فَيَرْكُمَهُ) أي يضمه ويجعل بعضه فوق بعضه (إِنْ يَنْتَهُوا) يعني عن الكفر إلى الإسلام لأن الإسلام يجبّ ما قبله ، ولا تصح المغفرة إلا به (وَإِنْ يَعُودُوا) يعني إلى القتال (فَقَدْ مَضَتْ سُنَّتُ الْأَوَّلِينَ) تهديد بما جرى لهم يوم بدر وبما جرى للأمم السالفة (حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ) الفتنة هنا الكفر ، فالمعنى قاتلوهم ، حتى لا يبقى كافر ، وهو كقوله صلىاللهعليهوسلم : أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله (١) (وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ) لفظه عام يراد به الخصوص ، لأن الأموال التي تؤخذ من الكفار منها ما يخمس : وهو ما أخذ على وجه الغلبة بعد القتال ، ومنها : ما لا يخمس بل يكون جميعه لمن أخذه ، وهو ما أخذه من كان ببلاد الحرب من غير إيجاف ، وما طرحه العدو خوف الغرق ، ومنها : ما يكون جميعه للإمام يأخذ منه حاجته ، ويصرف سائره في مصالح المسلمين وهي الفيء الذي لم يوجف عليه بخيل ولا ركاب (فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ) الآية : اختلف في قسم الخمس على هذه الأصناف فقال قوم : يصرف على ستة أسهم سهم لله في عمارة الكعبة ، وسهم للنبي صلىاللهعليهوسلم في مصالح المسلمين ، وقيل : للوالي بعده : وسهم لذوي القربى الذين لا تحل لهم الصدقة ، وسهم لليتامى ، وسهم للمساكين ، وسهم لابن السبيل.
وقال الشافعي : على خمسة أسهم ، ولا يجعل لله سهما مختصا ، وإنما بدأ عنده بالله ، لأن الكل ملكه ، وقال أبو حنيفة على ثلاثة أسهم : لليتامى ، والمساكين ، وابن السبيل ، وقال مالك الخمس إلى اجتهاد الإمام يأخذ منه كفايته ويصرف الباقي في المصالح (إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللهِ) راجع إلى ما تقدم ، والمعنى : إن كنتم مؤمنين فاعلموا ما ذكر الله لكم من قسمة الخمس ، واعملوا بحسب ذلك ولا تخالفوه (وَما أَنْزَلْنا عَلى عَبْدِنا) يعني النبي صلىاللهعليهوسلم والذي أنزل عليه القرآن والنصر (يَوْمَ الْفُرْقانِ) أي التفرقة بين الحق والباطل وهو يوم بدر (الْتَقَى الْجَمْعانِ) يعني المسلمين والكفار (إِذْ أَنْتُمْ بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيا) العامل في إذ
__________________
(١). الحديث متفق عليه من رواية عبد الله بن عمر. ورواه النووي في الأربعين.